للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيلَ: فعلامَ نَسَقَ «وَلَا تَخْشَى»؟

فالجواب في ذلك أنه جَعَلَ «ولا تَخْشَى» مُسْتأنَفًا، ولا بمعنى ليس. كما قَالَ: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى}

وفيه جواب آخر: أن يكون أراد النَّهي، لا تخف دركًا ولا تخشَ، ثم زاد الألف لرءوس الآي، وجعله مجزومًا من أصلٍ واجبٍ كما قَالَ الشَّاعِرُ:

ألَمْ يَأْتِيْكَ والأنباء تنمي ... بما لاقت لبون بني زياد

وقرأ الباقون «لا تخاف دَرَكًا وَلَا تَخْشَى» بالرَّفعِ عن الخبر. واتَّفق القراء هاهنا على فتح الراء من {دَرَكًا} وهو شاهد لمن اختار في {الدَّرَكِ الأسْفَلِ}.

وقولُه تَعَالى: {فأتبعهم} بقطع الألف عليه سائر القراء. وروى بالوصل، والتَّشديد عن نافعٍ.

فمَنْ قطع أراد: ألحقهم ولحقهم. ومن وصل أراد: تبعهم، وسار في أثرهم، لقول العرب: تبعت زيدًا: سرتُ في أثره. واتبعته: لحقته.

وقولُه تَعَالى: {قَدْ أْنْجَينَاكُمْ مِنْ عَدِوِّكُمْ وَواعَدناكُمْ، } قرأ حمزةُ والكسائيُّ: «قَدْ أْنْجَيناَكُمْ مِنْ عَدِوِّكُمْ وَواعَدتُكُمْ»، بالتاء، الله تَعَالى يخبر عن نفسه.

وقرأ الباقون «أنجيناكم» بالنون، والألف «وواعدناكم» بلفظ‍ الجماعة. وإن كان الله تَعَالى هو المُخبر عن نفسه. إلا أنَّ الملك والرأس، والرَّئيس، والعالم يخبرون عن أنفسهم بلفظ‍ الجماعة، والله تَعَالى ملك الأملاك. ألا ترى أنَّ العبدَ لما سأل ربّه فقال: {رَبِّ ارجِعُوْن لَعَلِّيْ أَعْمَلُ صَالِحًا} وَلَمْ يَقُل ربِّ أرجِعْنِي، قَالَ الشَّاعِرُ:

يا ربِّ لا تَجْعَلْ لَهُ سَبِيْلًا ... على الَّذِي جَعَلْتَهُ مأهُوْلًا

قَدْ كان بانيه لكم خليلا

أما أبو عمرو فإنه قَرَأ: «وَوَعَدْتُكمْ» بغيرِ ألف. والباقون «وَوَاعَدْناكُمْ» بالألف.

وقد ذكرتُ علته في البقرة.

وقولُه تَعَالى: {آمَنْتُمْ}.

قرأ ابنُ كثيرٍ، ونافعٌ في رواية ورش، وحفص عن عاصم: «أأمنتم» على لفظ‍

<<  <   >  >>