كان سِحْرُهُ بكلامٍ فيه كفرٌ استُتِيْبَ منه، فإن تاب منه وإِلَّا ضربت عنقه.
وكان النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما سحره لَبِيْد بن الأعصم حتى مرض مرضًا شَدِيْدًا. فلمَّا برأ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عفا عنه. وكان يَلقاه فلا يَتَغَيَّرُ له كرمًا منه عليه السَّلام.
وأمّا السِّحرُ الحَلَالُ، هو أن يكونَ الرَّجُلُ ظريفَ اللّسان، حسن البيان. فسحرُ الإنسان كلامه. فذلِكَ سِحْرٌ حلالٌ. من ذلك حديث رسول الله - صلى الله عليه وَسَلَّمَ -: «إنَّ مِنَ البَيَانْ لَسِحْرًا وإنَّ مِنَ الشِّعْرِ لَحِكَمًا».
ويقال: فلان ساحر العينين. وإنَّ هاروت ليطله من جفنه إذا خلب الناس لحسن عينيه. فالسِّحرُ هناك حلال، والسّرقة بالعين حلالٌ.
أنْشَدَنِيْ ابنُ مُجَاهِدٍ:
يَا حَسَن ما سرقت عيني وما انْتَهَبَتْ ... والعَيْنُ تَسرق أحيانًا وتَنْتَهِبُ
إذا يدٌ سَرَقَتْ فالقطعُ يَلْزَمْهَا ... والقَطْعُ في سرقٍ بالعينِ لا يَجبُ
وأمّا قوله: {إنَّمَا أنتَ من المُسَحَّرِينَ، } قيل: من المخدوعين. وقيل:
قوله: (سَحرٌ) أي: رئةُ يأكل ويشرب. قَالَ الشاعر:
فإنْ تَسألِينا فيمَ نَحن فإنَّنا ... عَصَافِيرُ من هذا الأنام المسحر
وقوله: {وما أكرهتنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ}
فقيل: إن فرعون أخذهم بتعلمِ السّحرِ، وتعليمِ أولادِهم. وقيل: إنه حَشَرَهُم من البُلدان فذلك الكراهية، بمعنى الجلاء عن الوطن. والسَّاحرُ العالمُ. ومنه قوله تَعَالى حكاية عن بني إسرائيل إنّهم قالوا لموسى عليه السلام: «أيُّها السَّاحِرُ اُدْعُ لَنَا رَبَّكَ» أيُّها العالِمُ الفَهِمُ.
وقولُه تَعَالى: {لَا تَخَافُ دَرَكًا}
قرأ حمزةُ وحده: «لا تَخَفْ» على النَّهْي، وسقطت الألف لسكونها وسكون الفاء.