كأنَّ التقدير: ألْقِ عَصَاكَ فإنَّها تَتَلقَّفُ. ويجوزُ أن يكونَ جعل تلقَّف حالًا أي: ألق عصاك متلقفة. كما قَالَ تَعَالَى:{ولا تَمنُنْ تَسْتَكْثِرُ} أي مُسْتَكْثِرًا. وقرأ الباقون بإسكان الفاء، وتشديد القاف، وتخفيف التّاء، أرادوا: تتلقّف كقراءةِ ابن كثيرٍ، غيرَ أنَّهم أسقَطُوا تاءً، وابنُ كثيرٍ أدغم. ومعنى «ما يَأْفِكُوْنَ» أي: ما يختلقونه كذبًا، لأن سحرهم كان تمويهيا، واختلاقا. فلما ألقى موسى عصاه، صارت ثُعبانًا عظيمًا كالجان في تثنيها، وخفَّتها، فلقفت ما افتعلوا حتّى زَكَنُوا أنهم عَلَى ضلالٍ. وأن الّذي أتى بِهِ موسى حَقٌّ، فقالُوا:{آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ}.
وقولُه تَعَالى:{إنَّمَا صَنَعْوا كيد ساحر}.
قرأَ أهلُ الكوفةِ:
«سِحْرٍ» بغير ألف.
وقرأ الباقون، وعاصمٌ:«سَاحِرٌ» فالسَّاحِرُ: الرَّجُلُ، اسمُ الفاعل، مثل: قاتِلٍ.
والسِّحْرُ، اسمُ الفِعْلِ. وإنما يكون حرفا، وحرفين فإذا جعلت مثل: قاتِلٍ. والسِّحْرُ، اسمُ الفِعْلِ. وإنما يكون حرفًا، وحرفين فإذا جعلتَ ما نصبًا بأن جعلتَ الكيدَ خبرَ إنّ. «وصَنَعُوا» صلة ما والتّقدير: إنّ الذي صنعوه كيدَ سحر وهو كيد ساحر. وإن جعلت ما صلةً، ونصبت كيدَ ب صنعوا، كان صوابًا كما قَالَ الله تَعَالى:{إنَّمَا تَعْبُدُوْنَ مِنْ دُوْنِ اللهِ أَوْثَانًا} فلو رفعت الأوثان هناك، ونصبت الكيدَ هاهنا لكان صوابًا إلا أنَّ القراءة سُنَّةٌ، ولا تُحْمَلُ على ما تُحمل عليه العَرَبِيَّة.