{أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهادًا} ولم يَقرأ أحدٌ منهم: «مَهْدًا»
قَالَ أَبُو عَبْدِ الله: وإنّما قرءوا في هذه السُّورة «مِهَادًا» لتوافِقَ رُءُوس الآي. وهذا مذهب حسم.
وقولُه تَعَالَى: {مَكَانًا سُوًى}.
قرأ حمزةُ وعاصمٌ وابنُ عامرٍ: «سُوًى» بالضَّمِّ.
وقرأ الباقون سِوًى بالكسر، مقصورين. وهما لُغَتَانِ. قَالَ الشَّاعِرُ:
وأنَّ أبانا كان حل ببلدة ... سوى بينَ قَيْسٍ قَيْس عِيْلان والفَزْرِ
قَيْسُ وفَزرُ قبيلتان هاهنا، والفَزرُ: القَطيع من الشَّاء، والقَيْسُ: القردُ، والقَيْسُ:
مصدرُ قاسَ خُطاه قيسًا. إذَا سوَّى بينهما، يقال: رأيت جاريّةَ تَمِيسُ مَيسًا، وتَقيُ قَيسًا. تَميس معناه: تَبَخْتَرُ.
وسأل أعرابيٌّ رجلًا، فَقَالَ: ما أسمك؟ قَالَ: مُحَمَّد، قَالَ: والكُنية؟ قَالَ: أَبو قَيس. قَالَ: قَبَّحك الله أتجمع بين اسم النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والقِرد؟ ! قَالَ:
والقَيْسُ الذَّكّرُ عَنْ ابنِ دُريدٍ فسألت أبا عُمَر، فَقَالَ: هُوَ الفَيْشُ.
وأمّا قولُهم: جاءَني القَومُ سِوى زَيْدٍ. فبالكسرِ مَقصورٌ، ومنهم من يَفتح، ويَمُدُّ فيقول: جاءَني القومُ سَواء زيدٍ.
وقولُه تَعَالَى: {فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ}.
قرأ حمزةُ، والكِسَائيُّ، وحفصٌ، عَنْ عاصمٍ: «فَيُسْحِتَكُمْ» بضمِّ الياءِ.
والباقون بالفتح. وهما لُغتان سَحَتَ: إذَا استأصل يُقال أسحَتَ الجازر قلعة المعدن؛ قَالَ الفرزدق:
وعَضُّ زمانٍ يا ابنَ مَرْوَانَ لَمْ يَدَعْ ... مِنَ المَالِ إلا مُسْحِتًا أو مُجَلِفُ
وينشد مسحتٌ بالرَّفعِ فمَن رفعَ. قَالَ لَمْ يَدَعْ بمعنى لم يَبْقَ. ومَنْ نَصَبَ. قَالَ: أو مُجَلِّفٌ، كذلك، ويُروى: إلَّا مُسْحِتًا أو يُجَلِّفٌ.
وحدثني ابن مجاهد، عن السمري، عن الفراء، عَنْ أبي جَعفر الرُّواسي، قَالَ:
اجتازَ الفَرزدقَ بعبدِ الله بْن أبي إِسْحَاق النَّحوِيّ، فَقَالَ له: يا أبا فراس علا رفعت إلا مسحتا أو مُجَلِّفُ؟ قَالَ: عليّ ما يَسُوْؤُكُ ويَنُوؤُكَ.
وفي غير هذا إنّه قَالَ يهجوه: