للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَوْ كَانَ عَبْدُ اللهِ مولًى هَجَوتُهُ ... ولكنَّ عَبْدَ اللهِ مَوْلَي مَوَالِيَا

وقيل لَهُ: وَجَبَ أن يَقُول: مولى مَوَالٍ مثل جوارٍ وغواشٍ. فَقَالَ:

سَلُوا عَنْ علَّة ذَلِكَ الّذي يَجُرُّ خصيبيه، يعني: ابنَ أبي إِسْحَاق. وكان أَبُو حاضرٍ النَّحويُّ عنده، فَقَالَ لَهُ: لَحَنْتَ يا أبا فراسٍ. قَالَ: والله لأهجُوَنَّك ببيتٍ يُستشهد بِهِ إِلى يومِ القيامة:

أبا حاضِرٍ مَنْ يَزْنِ يُعْرَفْ زِنَاؤُهُ ... ومَنْ يَشْرَبِ الخُرْطُوْمَ يُصبحْ مُسَكرًّا

فمَدَّ الزّنا، وهو مقصورٌ. والنَّحويون جعلوه شاهدًا لما ذكرنا.

وقولُه تَعَالَى: {إنْ هَذَانِ لِساحِران}.

فيه ستُّ قراءاتٍ:

قرأ أَبُو عمروٍ وحده: «إنَّ هَذَينِ» بالياء، لأنَّ تثنيةَ المنصوبِ، والمجرورِ بالياءِ في لغةِ فُصحاء العربِ، أمَّا مَنْ جعلَ تثنيةَ المَجرورِ والمَنصوبِ بالألفِ فقالُوا: جَلَسْتُ بينَ يَدَاهُ، وأعطيتُ درهمان. فلغةٌ شاذَّةٌ، لا تَدخلُ في القرآن وهي لغةُ بلحرث بْن كَعبٍ.

قَالَ الشَّاعِرُ:

تَزَوَّدَ مِنَّا بَيْنَ أُذْنَاهُ ضَرْبَةً ... دَعَتْهُ إِلى هَابِى التُّرابِ عَقِيْمُ

وقال آخر:

طاروا علاهن فطر علاها ... وأشدد بمثنى حَقَبٍ حَقْوَاْهَا

إِنَّ أَبَاهَا وأَبَا أَبَاهَا ... قَدْ بَلَغَا في المَجْدِ غَايَتَهَا

نَاجِيَةً وَناجِيًا أَبَاهَا

فلمَّا كانت الكتابةُ في المُصحف بالألِف إنَّ هذان حمله بعضهم عَلَى هذه اللغة.

وقال المُبَرِّدُ، وإسماعيل القاضِي: أحسنُ ما قِيلَ في هذا: أن يجعل إنّ بمعنى: نَعَمْ، والتَّقدير: نعم هذان لساحران. فيكون ابتداءً وخبرًا.

قَالَ الشَّاعِرُ:

بَكَرَ العَوَاْذلُ بالضُّحى ... يَلْحَيْنَنِي وأَلُوْمُهُنَّهْ

ويَقُلْنَ شَيْبٌ قَدْ عَلَاك ... وَقَدْ كَبُرْتَ فَقُلْتُ إِنَّهْ

وقرأ «إنْ هَذانِ» عاصمٌ في رواية أبي بكرٍ، ونافعٍ، وحمزةُ والكِسَائيُّ، وابنُ عامرٍ اتِّباعًا للمُصحف. واحتَجُّوا بما قَدَّمْتُ ذكره.

<<  <   >  >>