للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَقُولُ الْعَرَبُ لِلشَّيْخِ إِذَا سَعَلَ: وَرْيًا وَقُحَابًا، وَلِلصَّبِيِّ إِذَا عَطَسَ: عُمْرًا وَشَبَابًا، يَدْعُونَ لَهُ بِالْبَقَاءِ.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ}.

قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ «فَاسْرِ بِأَهْلِكَ» بِوَصْلِ الْأَلِفِ فِي كُلِّ الْقُرْآنِ مِنْ سَرَى يَسْرِي.

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ «فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ» بِقَطْعِ الْأَلِفِ مِنْ أَسْرَى يُسْرِي وَهُمَا لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ نَزَلَ بِهِمَا الْقُرْآنُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ}. وَهَذِهِ حُجَّةٌ لِمَنْ قَطَعَ، وَقَالَ: «وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ» هَذَا حُجَّةٌ لِمَنْ وَصَلَ وَهَذَا الْبَيْتُ يُنْشَدُ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَسْرَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْجَوْزَاءِ سَارِيَةٌ ... تُزْجِي الشَّمَالَ عَلَيْهَا جَامِدَ الْبَرَدِ

وَيُرْوَى: «سَرَتْ إِلَيْهِ» وَالسُّرَى: سَيْرُ اللَّيْلِ خَاصَّةً، وَلَا يَكُونُ بِالنَّهَارِ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ، يُقَالُ: هَذِهِ سُرًى.

وَأَخْبَرَنِي بِذَلِكَ أَبُو بَكْرِ بْنُ دُرَيْدٍ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ، وَقَالَ آخَرُ:

سَرَيْتُ بِهِمْ حَتَّى تَكِلَّ مَطِيُّهُمْ ... وَحَتَّى الْجِيَادُ مَا يُقَدْنَ بِأَرْسَانِ

وَقَالَ آخَرُ:

سَرَى لَيْلًا خَيَالًا مِنْ سُلَيْمَى ... فَأَرَّقَنِي وَأَصْحَابِي هُجُودُ

وَقَدْ فَرَّقَ قَوْمٌ بَيْنَ سَرَى وَأَسْرَى مِنْهُمْ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ، فَقَالَ: سَرَى مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَأَسْرَى مِنْ آخِرِهِ.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلَّا امْرَأَتَكَ}.

قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو بِالرَّفْعِ «إِلَّا امْرَأَتُكَ» عَلَى مَعْنَى: وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتُكَ فَإِنَّهَا سَتَلْتَفِتُ، فَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ الْمَرْأَةُ مِنْ أَهْلِ لُوطٍ‍، وَإِنَّمَا أَمْطَرَ عَلَيْهَا الْحِجَارَةَ لِأَنَّهَا خَالَفَتْ فَالْتَفَتَتْ.

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: «إِلَّا امْرَأَتَكَ» جَعَلُوهَا اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ} {إِلَّا امْرَأَتَكَ} فَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ الْمَرْأَةُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ لُوطٍ‍ وَ (قِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ تَقُولُ العرب: جاءنا زيد بعد ما هَدَأَتِ الرِّجْلُ، وَبَعْدَ هَزِيعٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَبَعْدَ سَعْوَاءٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَبَعْدَ مِينَاءٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَبَعْدَ قِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَبَعْدَ طَبِيقٍ مِنَ اللَّيْلِ، قَالَ الشَّاعِرُ:

عُمَيْرَةُ مَا يُدْرِيكِ أَنْ رُبَّ مُهْجَعٍ ... تَرَكْتُ وَمِنْ لَيْلِ التِّمَامِ طَبِيقُ

وَقَدْ غَارَ لَحْمٌ بَعْدَ لَحْمٍ وَقَدْ دَنَتْ ... أَوَاخِرُ أُخْرَى فَاسْتَقَلَّ فَرِيقُ

<<  <   >  >>