وَرُوِيَ عَنْ عَاصِمٍ الْجَحْدَرِيِّ، «إِنَّ وَلِيِّ اللَّهُ» بِيَاءٍ مُشَدَّدَةٍ مَكْسُورَةٍ، فَكَأَنَّهُ حَذَفَ الْيَاءَ الْوُسْطَى وَأَسْكَنَ يَاءَ الْإِضَافَةِ وَكَسَرَهَا لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ.
قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، الصَّوَابُ فِي قِرَاءَةِ الْجَحْدَرِيِّ أَنْ تَقُولَ: أَسْقَطَ يَاءَ الْإِضَافَةِ، لِأَنَّهُ أَسْكَنَهَا، وَلَقِيَ الْيَاءُ سَاكِنًا آخَرَ، وَالْكَسْرَةُ دَالَّةٌ عَلَيْهَا.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشيطان}.
قرأ أبو عمرو وَابْنُ كَثِيرٍ وَالْكِسَائِيُّ «طَيْفٌ» بِغَيْرِ أَلِفٍ وَالْأَصْلُ: طَيِّفٌ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ فَحَذَفُوا إِحْدَى الْيَاءَيْنِ اخْتِصَارًا كَمَا تَقُولُ: هَيْنٌ لَيْنٌ وَمَيْتٌ.
وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ النَّحْوِيُّ، وَابْنُ مُجَاهِدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ نَصْرٍ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، «إذا مسهم طيف» وأنشد:
ما هاج حَسَّانَ رُسُومُ الْمَقَامْ ... وَمَظْعَنُ الْحَيِّ وَمَبْنَى الْخِيَامِ
جِنِّيَّةٌ أَرَّقَنِي طَيْفُهَا ... تَذْهَبُ صُبْحًا وَتُرَى فِي الْمَنَامْ
وَيُقَالَ: طَافَ الْخَيَالُ يَطِيفُ طَيْفًا وَمَطَافًا، وَطَافَ فَهُوَ طَائِفٌ وَقَالَ جَرِيرٌ:
طَافَ الْخَيَالُ وَأَيْنَ مِنْكَ لِمَامَا ... فَارْجِعْ لِزَوْرِكَ فِي السَّلَامِ سلاما
فلقد آن لَكَ أَنْ تُوَدِّعَ خُلَّةً ... رَثَّتْ وَكَانَ حِبَالُهَا أَرْمَامَا
فَمَعْنَى طَائِفِ الشَّيْطَانِ: وِسْوَاسُهُ وَلَمَمُهُ وَخَبَلُهُ، وَأَنْشَدَ أَبُو عُبَيْدَةَ:
وَتُصْبِحُ عَنْ غِبِّ السُّرَى وَكَأَنَّمَا ... أَلَمَّ بِهَا مِنْ طَائِفِ الْجِنِّ أَوْلَقُ
فَهَذَا شَاهِدُ الْبَاقِينَ الَّذِينَ قَرَءُوا: {طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ}.
وَقَالَ آخَرُ:
أَنَّى أَلَمَّ بِكَ الْخَيَالُ يَطِيفُ ... وَمَطَافُهُ لَكَ ذِكْرُة وَشُعُوفُ
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يَتِّبِعُوكُمْ}.
قَرَأَ نَافِعٌ وَحْدَهُ «لَا يَتْبَعُوكُمْ» خَفِيفًا.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ مُشَدَّدًا فَقَالَ: تَبَّعَ وَأَتْبَعَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَقَالَ آخَرُونَ: اتَّبَعَهُ: سَارَ فِي أَثَرِهِ، وَأَتْبَعَهُ: أَلْحَقَهُ.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ}.
وَقَرَأَ نَافِعٌ «يُمِدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ» بِضَمِّ الْيَاءِ.
وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا.