يَا وَيْحَ أَنْصَارِ النَّبِيِّ وَنَسْلِهِ ... بَعْدَ الْمَغِيبِ فِي سَوَاءِ الْمُلْحَدِ
فَ «مُلْحَدِ» لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ أَلْحَدَ، وَلَوْ كَانَ مِنْ لَحَدَ لَكَانَ مَلْحُودًا كَمَا قَالَتْ زَيْنَبُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: يَا قِصَّةً عَلَى مَلْحُودٍ، أَيْ: يَا جُصًّا عَلَى قَبْرٍ فَلَا هَدَأَتِ الدِّيَةُ وَلَا رَفَأَتِ الْعَبْرَةُ، فَيُقَالُ لِلْقَبْرِ: الْمَلْحُودُ وَاللَّحْدُ وَالدِّيَمُ وَالضَّرِيحُ وَالْجَدَثُ وَالْجَدَفُ، وَالْبَيْتُ وَالْمَحْنَا، وَالْمَحْنَا فِي غير هذا: الترس والمطمطمة: الْقَبْرُ أَيْضًا، وَالرِّمْسُ وَالْمُنْهَالُ.
- قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَذَرُهُمْ في طغيانهم}.
قرأ عاصم وأبو عمرو بِالْيَاءِ وَالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، إِذْ لَمْ يَتَقَدَّمُهُ فِعْلٌ يُنَسَّقُ عَلَيْهِ.
وَقَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ بِالْيَاءِ وَالْجَزْمِ نَسَقًا عَلَى مَوْضِعِ فَاءِ الْجَزَاءِ فِي قَوْلِهِ: {فَلَا هَادِيَ لَهُ}.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالنُّونِ وَالرَّفْعِ، أَيْ: وَنَحْنُ نَذَرُهُمْ كَمَا قَالَ فِي الْبَقَرَةِ {فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ}.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ}.
قَرَأَ نَافِعٌ وَعَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: «شِرْكًا».
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ على «فعلاء» جمع شريك.
فالمعنى ذَلِكَ: أَنَّ حَوَّاءَ لَمَّا حَمَلَتْ أَتَاهَا إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ، فَقَالَ لَهَا: مَا الَّذِي فِي بَطْنِكِ أَبَهِيمَةٌ أَمْ حَيَّةٌ؟ فَقَالَتْ: لَا أَدْرِي.
فَقَالَ: إِنْ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَهُ بَشَرًا سَوِيًّا أَتُسَمِّينَهُ بِاسْمِي، قَالَتْ: نَعَمْ {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ}. فِي التَّسْمِيَةِ فَسَمَّيَاهُ عَبْدَ الْحَارِثِ وَكَانَ اسْمُهُ الْحَارِثُ، لَا فِي الطَّاعَةِ.
- قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ وَلِيَّيَ اللَّهُ}.
قَرَأَ الْقُرَّاءُ بِثَلَاثِ يَاءَاتٍ الْأَوَّلُ: يَاءُ فَعِيلٍ، وَالثَّانِيَةُ: أَصْلِيَّةٌ، وَالثَّالِثَةُ يَاءُ الْإِضَافَةِ إِلَى النَّفْسِ، فَأُدْغِمَتِ الْيَاءُ الزَّائِدَةُ فِي الْيَاءِ الْأَصْلِيَّةِ، فَالتَّشْدِيدُ مِنْ أجل ذَلِكَ، وَالْوُسْطَى مَكْسُورَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، لِاتِّصَالِهَا بِيَاءِ الْإِضَافَةِ، لِأَنَّ يَاءَ الْإِضَافَةِ يُكْسَرُ مَا قَبْلَهَا، فَيَاءُ الْإِضَافَةِ مَفْتُوحَةٌ كَمَا تَقُولُ: إِنَّ غُلَامِيَ الْكَرِيمُ، وَرَوَى ابْنُ الْيَزِيدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو «إِنَّ وَلِيَّ اللَّهُ» بِيَاءٍ مُشَدَّدَةٍ، كَأَنَّهُ حَذَفَ الْيَاءَ الْوُسْطَى وَأَدْغَمَ الْأُولَى فِي الثَّانِيَةِ كَمَا تَقُولُ: عَلَيَّ ولدي.