للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه. ومن نوى صالحًا ثبت عليه. وهذا لا يعارض ما جاء في الحديث (الصحيح) (١): "إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا باع أو ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار (فيدخل النار) (٢) وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا باع أو ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة (٣) [فيدخلها" (٤)؛ لأنه قد جاء في بعض روايات هذا الحديث (٥): "فيعمل بعمل أهل الجنة] (٦) فيما يبدو للناس، و (يعمل) (٧) بعمل أهل النار فيما يبدو للناس. وقد قال الله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (١٠)[الليل: ٥ - ١٠] ".

﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٣) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٣٤)﴾.

يقول تعالى محتجًا على المشركين من العرب أبناء إسماعيل، وعلى الكفار من بني إسرائيل - وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم (عليهم) (٨) السلام - (بأن يعقوب) (٩) لما حضرته الوفاة وصى بنيه بعبادة الله وحده لا شريك له، فقال لهم: ﴿مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ﴾ وهذا من باب التغليب لأن إسماعيل عمه.

قال النحاس: والعرب تسمى العم أبًا، نقله القرطبي (١٠)؛ وقد استدل بهذه الآية من جعل الجد أبًا وحجب به الإخوة، كما هو قول الصديق حكاه البخاري (١١) عنه من طريق ابن عباس وابن الزبير، ثم قال البخاري (١٢): ولم يختلف عليه، وإليه ذهبت عائشة أم المؤمنين، وبه يقول الحسن البصري وطاوس وعطاء، وهو مذهب أبي حنيفة وغير واحد من علماء السلف والخلف؛ وقال مالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه أنه يقاسم الإخوة؛ وحكى مالك، عن


(١) ساقط من (ز) و (ض).
(٢) كذا في (ج) و (ك) و (ل) و (ى)؛ وفي (ز) و (ض) و (ن): "فيدخلها".
(٣) ساقط من (ز) و (ض).
(٤) أخرجه البخاري (٦/ ٣٠٣؛ و ١١/ ٤٧٧؛ و ١٣/ ٤٤٠)؛ ومسلم (٢٦٤٣/ ١).
(٥) أخرجه البخاري في "كتاب الجهاد" (٦/ ٨٩ - ٩٠)؛ ومسلم في "كتاب الإيمان" (١١٢/ ١٧٩).
(٦) ساقط من (ز) و (ض).
(٧) ساقط من (ز) و (ض).
(٨) في (ج) و (ض): "عليه".
(٩) ساقط من (ز) و (ض).
(١٠) في "تفسيره" (٢/ ١٣٨).
(١١) في "كتاب الفرائض" (١٢/ ١٨) معلقًا. وقد ورد موصولًا بأسانيد صحيحة عن جماعة من الصحابة عن أبي بكر الصديق. منهم: ابن عباس؛ أخرجه الدارمي (٢/ ٢٥٥)؛ وأخرجه البيهقي (٦/ ٢٤٦)؛ وسنده صحيح كما قال الحافظ في "الفتح" (١٢/ ١٩).
(١٢) ولفظ البخاري: "ولم يذكر أن أحدًا خالف أبا بكر في زمانه، وأصحاب النبي متوافرون". قال الحافظ: "كأنه يريد بذلك تقوية حجة القول المذكور، فإن الإجماع السكوتي حجة، وهو حاصل في هذا". اهـ.