للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه؛ أما بعد:

فقد سطع علم التفسير منذ نزول القرآن الكريم إذ بيّن النبي للصحابة ما يحتاجون من بيان، ولما كان الصحابة من أعرق القبائل العربية وحظوا بذلك البيان، فقد غدو من أعلم الناس بالتفسير ثم تلاهم تلاميذهم من التابعين الذين أخذوا هذا العلم عن الصحابة، وكتبوه عنهم فحازوا قصب السبق بكتابة التفسير فقد كان بعضهم يكتب التفسير مع عرض القرآن، إذ صحَّ عن مجاهد بن جبر المخزومي أنه عرض القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات، ويسأله عن كل آية فيجيبه ابن عباس ويقول له: اكتب فيكتب (١)، فكانت هذه البداية المبكرة لكتابة التفسير عن ابن عباس ثم تلاه التابعي الجليل سعيد بن جبير الأسدي فقد أمره الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان أن يكتب التفسير، وكتب التفسير وأودعه في ديوان الخليفة (٢)، واعتنى التابعون بإملاء التفسير على تلاميذهم فقد أملى مجاهد التفسير على بعض تلاميذه (٣) وكذلك الحسن البصري أملى التفسير على تلاميذه (٤).

وقد انتشر علم التفسير مع انتشار الإسلام في الأرض، وكان التابعون عند فتوحهم البلدان لدخول الناس في دين الله تعالى يرفعون نداء الحق لإقامة الصلاة وقراءة القرآن الكريم والبيان لفهمه والعمل به.

إن هذا العلم والعمل أفرز جيلًا من العلماء المفسرين من أتباع التابعين إذ تسلموا قيادة التعليم والإرشاد في أرجاء الخلافة الإسلامية فكان في مكة المكرمة ابن أبي نجيح عبد الله بن يسار راوي التفسير عن مجاهد، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج صاحب "التفسير"، وسفيان بن عيينة صاحب "التفسير".

وكان في المدينة ثلة من المفسرين منهم: الإمام مالك بن أنس أول من صنف التفسير رواية بالإسناد.

وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم صاحب "التفسير"، ونافع بن أبي نعيم القارئ صاحب "التفسير"، ومصنف كتاب "الوقف والابتداء"، وكتاب "عدد المدني".

وكان في القدس عطاء بن أبي مسلم الخراساني صاحب "التفسير".


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح "التفسير" رقم (١٠٧).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم "الجرح والتعديل" (٦/ ٣٣٢).
(٣) انظر: "المعرفة والتاريخ" للفسوي (٢/ ١٥٤).
(٤) انظر: "جامع العلم وفضله" لابن عبد البر (١/ ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>