للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سُورَةُ العَصْرِ [وهي] (١) مكية

ذكروا أن عمرو بن العاص وفدَ على مسيلمة الكذاب [لعنه الله] (٢)، [وذلك بعدما بعث رسول الله ] (٣) وقبل أن يسلم عمرو، فقال له مسيلمة: ماذا أنزل على صاحبكم في هذه المدة؟ قال: لقد أنزل عليه سورة وجيزة بليغة. فقال: وما هي؟ فقال: ﴿وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (٣)﴾. ففكر مسيلمة هُنَيهة ثم قال: وقد أنزل علي مثلها. فقال له عمرو: وما هو؟ فقال: يا وَبْر يا وَبْر، إنما أنت أذنان وصَدْر، وسائرك حفز نَقْز. ثم قال: كيف ترى يا عمرو؟ فقال له عمرو: والله إنك لتعلم أني أعلم أنك تكذب (٤).

وقد رأيت أبا بكر الخرائطي أسند في كتابه المعروف بـ"مساوئ الأخلاق"، في الجزء الثاني منه، شيئًا من هذا أو قريبًا منه (٥).

والوبْر: دويبة تشبه الهرّ، أعظم شيء فيه أذناه، وصدره وباقيه دميم. فأراد مسيلمة أن يركب من هذا الهذيان ما يعارض به القرآن، فلم يرج ذلك على عابد الأوثان في ذلك الزمان.

وذكر الطبراني من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن عبد الله بن حصن أبي مدينة، قال: كان الرجلان من أصحاب رسول الله إذا التقيا، لم يتفرقا إلا على أن يقرأ أحدهما على الآخر "سورة العصر" إلى آخرها، ثم يسلم أحدهما على الآخر (٦).

وقال الشافعي : لو تدبر الناس هذه السورة، لوسعتهم.

﴿وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (٣)﴾.

العصر: الزمان الذي يقع فيه حَركاتُ بني آدم، من خير وشر.

وقال مالك، عن زيد بن أسلم: هو العَشي (٧)، والمشهور الأول.


(١) زيادة من (حم).
(٢) زيادة من (حم).
(٣) زيادة من (ح) و (حم).
(٤) تقدم تخريجه في تفسير سورة يونس آية ١٧.
(٥) مساوئ الأخلاق رقم ١٧٥، وذكر ابن شاهين قصة مسيلمة. (ينظر: الإصابة ٣/ ٢٢٥).
(٦) المعجم الأوسط ٥/ ٢١٥ (ح ٥١٢٤)، وسنده مرسل.
(٧) سنده صحيح.