للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أن يعلم تلك المرأة ويكون ذلك صداقًا لها على ذلك، وهذا فيه نزاع بين العلماء: هل يجوز أن يجعل (مثل هذا) (١) صداقًا؟ أو هل يجوز أخذ الأجرة على تعليم القرآن؟ وهل هذا كان خاصًا بذلك الرجل؟ وما معنى قوله : "زوجتكها بما معك من القرآن" أي: بسبب ما معك، كما قاله أحمد بن حنبل: نكرمك بذلك أو بعوض ما معك، وهذا أقوى لقوله في "صحيح مسلم" "فعلمها" وهذا هو الذي أراده البخاري ههنا، وتحرير باقي الخلاف مذكور في باب النكاح والإجارات، وبالله المستعان] (٢).

[القراءة عن ظهر قلب]

إنما (أفرد) (٣) البخاري في هذه الترجمة حديث أبي حازم، عن سهل بن سعد الحديث الذي تقدم الآن، وفيه أنه قال للرجل: "فما معك من القرآن؟ " قال: معي سورة كذا وسورة كذا وسورة كذا لسور عدها، قال: "أتقرأهن عن ظهر قلب؟ " قال: نعم، قال: "اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن".

وهذه الترجمة من البخاري مشعرة بأن قراءة القرآن عن ظهر قلب أفضل، والله أعلم.

ولكن الذي صرح به كثيرون من العلماء أن قراءة القرآن من المصحف أفضل؛ لأنه يشتمل على التلاوة والنظر في المصحف، وهو عبادة كما صرح به غير واحد من السلف، وكرهوا أن يمضي على الرجل يوم لا ينظر في مصحفه.

واستدلوا على أفضلية التلاوة في المصحف بما رواه الإمام (العلم) (٤) أبو عبيد في كتابه (فضائل القرآن) (٥):

حدثنا نعيم بن حماد، عن بقية بن الوليد، عن معاوية بن يحيى، عن (سليمان بن سليم) (٦)، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن بعض أصحاب النبي قال: قال النبي : "فضل قراءة القرآن نظرًا على من يقرؤه ظهرًا كفضل الفريضة على النافلة".

وهذا الإسناد فيه ضعف، فإن معاوية بن يحيى هذا هو الصدفي أو الأطرابلسي وأيًا ما كان فهو ضعيف.

وقال الثوري (٧)، عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود قال: أديموا النظر في المصحف.

وقال حماد (٨) بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن ماهك، عن ابن عباس، عن عمر


(١) بياض في (أ).
(٢) ساقط من (ج).
(٣) في (أ): "أورد".
(٤) في (ل): "العالم".
(٥) (ص ٤٦) وأخرجه ابن شاهين في "الترغيب" (١٩٤) من طريق أبي عبيد بسنده سواء وسنده ضعيف جدًا، وليس كما قال المصنف: "فيه ضعف"؛ وضعفه الحافظ في "الفتح" (٩/ ٧٨)؛ والزبيدي في "إتحاف السادة" (٤/ ٤٩٥).
(٦) وقع اضطراب في هذا الاسم، ففي (أ) و (ط): (سليم بن مسلم)، وفي (ج): "سليمان بن مسلم".
(٧) أخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص ٤٦)؛ وعبد الرزاق (ج ٣/ رقم ٥٩٧٩)؛ وابن أبي شيبة (١٠/ ٥٣١)؛ والطبراني في "الكبير" (ج ٩/ رقم ٨٦٨٧، ٨٦٩٦) من طرق عن الثوري به وسنده حسن.
(٨) أخرجه أبو عبيد (ص ٤٦) قال: حدثنا حجاج، عن حماد بن سلمة بسنده سواء. وهذا سند مقارب، ورواية =