للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سُوْرَةُ الحِجْرِ

وهي مكية

﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (١) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٣)﴾.

قد تقدم الكلام على الحروف المقطعة في أوائل السور.

وقوله تعالى: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ الآية، إخبار عنهم أنهم سيندمون على ما كانوا فيه من الكفر، ويتمنون لو كانوا في الدنيا مسلمين.

ونقل السدي في تفسيره بسنده المشهور عن ابن عباس وابن مسعود وغيرهما من الصحابة، أن كفار قريش لما عرضوا على النار تمنوا أن لو كانوا مسلمين (١).

وقيل: إن المراد أن كل كافر يود عند احتضاره أن لو كان مؤمنًا.

وقيل: هذا إخبار عن يوم القيامة. كقوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٧)[الأنعام]. وقال سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الزعراء، عن عبد الله في قوله: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢)﴾ قال: هذا في الجهنميين إذا رأوهم يخرجون من النار (٢).

وقال ابن جرير: حدثني المثنى، حدثنا مسلم، حدثنا القاسم، حدثنا [ابن أبي جروة العبدي] (٣) أن ابن عباس وأنس بن مالك كانا يتأولان هذه الآية ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢)﴾ يتأولانها يوم يحبس الله أهل الخطايا من المسلمين مع المشركين في النار، قال: فيقول لهم المشركون: ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون في الدنيا، قال: فيغضب الله لهم بفضل رحمته فيخرجهم، فذلك حين يقول: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢)(٤).


(١) إسناده ضعيف لأن السدي خلط فيه بين الصحيح والسقيم من الطرق.
(٢) أخرجه الطبري من طريق سفيان به، وسنده صحيح.
(٣) كذا في تفسير الطبري وكذا ترجم له البخاري (التاريخ الكبير ٥/ ٣٧٦)، وابن أبي حاتم (الجرح والتعديل ٥/ ٣١٤)، وفي الأصول الخطية وجميع النسخ المطبوعة صُحِّف إلى: "ابن أبي فروة".
(٤) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وفيه ابن أبي جروة سكت عنه البخاري وابن أبي حاتم كما في المصدرين السابقين وذكره ابن حبان في الثقات ٥/ ٦٧، ويشهد له الروايات اللاحقة، وأخرجه البيهقي من طريق القاسم به (البعث والنشور رقم ٨٢).