للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الأول ترجمة مختصرة للحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى]

إن الشذرات المذكورة في المقدمة من النشاط العلمي في تصنيف التفسير تفصح عن الجهود التي بذلت في القرون السبعة الأولى الهجرية، وتتجلى فيها الهمم العالية لأرباب الأقلام التي حبَّرت تلك الكتب التي استفاد منها الحافظ ابن كثير مباشرة أو بواسطة كما استفاد من غيرها؛ لأن تفسيره اشتمل على أكثر من مائتين وخمسين مصدرًا.

وقد ساعد الحافظ ابن كثير على هذه الاستفادة من ذلك النشاط العلمي موقع بلده بين أربع حضارات عريقة إذ تقع بلاد الشام بين العراق ومصر والجزيرة العربية وتركيا مركز الدولة العثمانية.

لقد أطلَّ الحافظ ابن كثير من نافذة دمشق إلى تلك الحضارات المجاورة واطلع على التفاسير المذكورة سابقًا فانتقى منها اللباب وجمع منها ما لذّ وطاب، وأتى بالعجب العجاب، وأكبر دليل على ذلك قبول الأُمة لكتبه عامة وتفسيره خاصة. هذا التفسير الذي طار في كل مطار وكثر قصّاده في الأقطار، وارتشف من رحيقه طلاب العلم الكبار والصغار، حتى بلغت طبعاته العشرات لفترة عشرات السنوات، منذ سنة (١٣٠٠ هـ) طبعة بولاق في مصر وإلى عامنا هذا في هذه الطبعة الجديدة، ويستنتج من كثرة الطبعات إقبال القراء على هذا الكتاب وكثرة اقتنائهم له، ولا شك أن هذا الإقبال والقبول يدل على القيمة العلمية للكتاب، ونجاح مؤلفه في منهجه في التفسير.

وقبل التعرف على منهجه والقيمة العلمية أذكر ترجمة مختصرة للحافظ رحمه الله تعالى.

فمن هو الحافظ ابن كثير؟

هو فقيه المفسرين ومفسر المحدثين، وأديب المؤرخين وخطيب الشاميين، عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير القرشي الدمشقي الشافعي (١).

وصفه الإمام الذهبي: بالإمام الفقيه المحدث الأوحد البارع (٢).

ووصفه الحافظ ابن حجر فيما نقله عن الإمام الذهبي بقوله: الإمام المفتي المحدث البارع فقيه متفنن محدث متقن مفسر (٣).


(١) ينظر: "البداية والنهاية" (٤/ ٣٣، ٣٤)؛ و"تاريخ ابن قاضي شهبة" (٣/ ٤١٦)؛ و"طبقات المفسرين" للسيوطي، رقم (١٦١).
(٢) "المعجم المختص" (ل ٢٤ ب) صورة في الجامعة الإسلامية عن المكتبة الناصرية برقم (١٥٢).
(٣) "الدرر الكامنة" (١/ ٥٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>