للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القراءة عن ظهر قلب؛ فهو أفضلُ وإن كان عند النظر في المصحف أكثر فهو أفضل. فإن استويا فالقراءة نظرًا أولى؛ لأنها أثبت، وتمتاز بالنظر إلى المصحف.

قال الشيخ أبو زكريا النواوي في "التبيان": والظاهر أن كلام السلف وفعلهم محمول على هذا التفصيل.

تنبيه: إن كان البخاري أراد بذكره حديث سهل الدلالة على أن تلاوة القرآن عن ظهر قلب أفضل منها في المصحف ففيه نظر:

لأنها (١) قضية عين، فيحتمل أن ذلك الرجل كان لا يحسن الكتابة ويعلم ذلك رسول الله منه، فلا يدل على أن التلاوة عن ظهر قلب أفضل مطلقًا في حق من يحسن ومن لا يحسن، إذ لو دل على هذا لكان ذكر حال رسول الله وتلاوته عن ظهر قلب - لأنه أمي لا يدرك الكتابة - أولى من ذكر هذا الحديث بمفرده.

الثاني: أن سياق الحديث إنما هو لأجل استثبات أنه يحفظ تلك السور عن ظهر قلب ليمكنه تعليمها لزوجته، وليس المراد ههنا أن هذا أفضل من التلاوة نظرًا ولا عدمه، والله أعلم.

[استذكار القرآن وتعاهده]

حدثنا (٢) عبد الله بن يوسف، أنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله قال: "إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت".

هكذا رواه مسلم والنسائي من حديث مالك به.

وقال الإمام أحمد (٣): حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله : "مثل القرآن إذا عاهد عليه صاحبه فقرأه بالليل والنهار كمثل رجل له إبل، فإن عقلها حفظها وإن أطلق عقالها ذهبت، فكذلك صاحب القرآن".

أخرجاه، قاله ابن الجوزي في "جامع المسانيد" وإنما هو من أفراد مسلم من حديث عبد الرزاق به.

حدثنا (٤) محمد بن عرعرة، حدّثنا شعبة، عن منصور، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: قال النبي : "بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت بل نسي، واستذكروا القرآن فإنه أشد تفصيًا من صدور الرجال من النعم".

تابعه (٤) بشر هو ابن محمد السختياني، عن ابن المبارك، عن شعبة.


(١) يعني: أولًا؛ لأنه سيذكر وجهًا آخر بعده.
(٢) البخاري في "فضائل القرآن" (٩/ ٧٩)؛ وأخرجه أيضًا مسلم (٧٨٩/ ٢٢٦، ٢٢٧)؛ ومالك (١/ ٢٠٢/ ٦)؛ والنسائي (٢/ ١٥٤)؛ وفي "فضائل القرآن" (٦٦، ٦٨)؛ وابن ماجه (٣٧٨٣)؛ وأحمد (٢/ ١٧، ٢٣، ٢٦، ٣٠، ٦٤، ١١٢) وغيرهم من طريق نافع، عن ابن عمر مرفوعًا.
(٣) في "المسند" (٢/ ٣٥، ٣٦)؛ وأخرجه عبد الرزاق (ج ٣/ رقم ٥٩٧١)؛ ومسلم؛ وابن ماجه (٣٧٨٣) عن معمر بسنده سواء.
(٤) البخاري في "فضائل القرآن" (٩/ ٧٩، ٨٠)، وأخرجه مسلم (٧٩٠/ ٢٢٨ - ٢٣٠).