للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال رسول الله : "حد الساحر ضربة بالسيف"، ثم قال: "لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وإسماعيل بن مسلم يضعف في الحديث. والصحيح عن الحسن، عن جندب (موقوف) " (١).

قلت: قد رواه الطبراني من وجه آخر عن الحسن، عن جندب مرفوعًا. والله أعلم.

وقد روي (٢) من طرق متعددة أن الوليد بن عقبة كان عنده ساحر يلعب بين يديه فكان يضرب رأس الرجل ثم يصيح به فيرد إليه رأسه؛ فقال الناس: سبحان الله! يحيي الموتى! ورآه رجل من صالحي المهاجرين، فلما كان من الغد جاء مشتملًا على سيفه؛ وذهب يلعب لعبه ذلك، فاخترط الرجل سيفه، فضرب عنق الساحر؛ وقال: إن كان (ساحرًا) (٣) فليحي نفسه؛ وتلا قوله تعالى: ﴿أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ﴾ [الأنبياء: ٣] فغضب الوليد إذ لم يستأذنه في ذلك، فسجنه ثم أطلقه. والله أعلم.

وقال (الإمام) (٤) أبو بكر الخلال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثني أبو إسحاق، عن حارثة؛ قال: كان عند بعض الأمراء رجل يلعب، فجاء جندب (مشتملًا) (٥) على سيفه فقتله. قال: أُراه كان ساحرًا (٦).

وحمل الشافعي قصة عمر وحفصة على سحر يكون شركًا. والله أعلم.

[فصل]

حكى أبو عبد الله الرازي في "تفسيره"، عن المعتزلة، أنهم أنكروا وجود السحر، قال: وربما كفروا من اعتقد وجوده.


= (*) قلت: وخالد العبد ترجمه ابن حبان في "المجروحين" (١/ ٢٨٠، ٢٨١) وقال: "شيخ كان بالبصرة يروى عن ابن المنكدر والحسن، روى عنه إسرائيل، كان يسرق الحديث ويحدث من كتب الناس من غير سماع، قال سلم بن قتيبة: أتيت خالد العبد فإذا معه درج فيه: حدثنا الحسن، فأقلبت الدرج من يده، فإذا في أوله: حدثنا هشام بن حسان قد محاه، فقلت له: ما هذا؟ قال: كتبت أنا وهشام عن الحسن. قلت: تكون مع هشام وتكتب فيه: حدثنا هشام؟ قال: ما أعرفني بك، أليس خرجت مع إبراهيم؟! " والحديث لا يصح مرفوعًا، وضعفه ابن المنذر كما في "المغني" (١٢/ ٣٠٢) لابن قدامة، والحافظ في "الفتح" (١٠/ ٢٣٦)، وقد صحح الترمذي وقفه كما مر بك.
(١) في (ز) و (ك) و (ن): "موقوفًا".
(٢) منها ما أخرجه البيهقي (٨/ ١٣٦) من طريق ابن وهب، أخبرني ابن لهيعة، عن أبي الأسود أن الوليد بن عقبة كان بالعراق، يلعب بين يديه ساحر وساق نحوه وفي آخره: وأمر به الوليد دينارًا صاحب السجن، وكان رجلًا صالحًا، فسجنه فأعجبه نحو الرجل، فقال: أتستطيع أن تهرب؟ قال: نعم، قال: فاخرج، لا يسألني الله عنك أبدًا. وسنده جيد، وابن وهب كان ممن سمع من ابن لهيعة قبل اختلاطه. وانظر "مصنف عبد الرزاق" (١٠/ ١٨١، ١٨٢).
(٣) كذا في "الأصول"؛ وفي (ن): "صادقًا". وهي أوضح.
(٤) من (ع) و (ن) و (ى).
(٥) في (ج): "مشتمل".
(٦) رجاله ثقات، ولكن في قوله: "يحيى بن سعيد حدثني أبو إسحاق" نظر عندي، ويحيى بن سعيد سواء كان القطان أو الأموي فلم يرويا شيئًا عن أبي إسحاق، ولا لقياه فيما أعلم، فلعل سقطًا وقع في الإسناد. والله أعلم. وحارثة هو ابن وهب الخزاعي. والله أعلم.