للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سُوْرَةُ الطُّورِ

وهي مكية

قال مالك: عن الزهري، عن محمد بن جُبير بن مُطْعم، عن أبيه: سمعت النبي يقرأ في المغرب بالطور، فما سمعت أحدًا أحسن صوتًا أو قراءة منه (١). أخرجاه من طريق مالك (٢).

وقال البخاري: حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، عن عروة، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة قالت: شكوت إلى رسول الله أني أشتكي فقال: "طوفي من وراء الناس وأنتِ راكبة" فطفت ورسول الله يصلي إلى جنب البيت يقرأ بالطور وكتاب مسطور (٣).

﴿وَالطُّورِ (١) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (٢) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (٣) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (٤) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (٥) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (٦) إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (٧) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (٨) يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (٩) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (١٠) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١١) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (١٢) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (١٤) أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (١٥) اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٦)﴾.

يقسم تعالى بمخلوقاته الدالة على قدرته العظيمة أن عذابه واقع بأعدائه، وأنه لا دافع له عنهم، فالطور هو: الجبل الذي يكون فيه أشجار مثل الذي كلم الله عليه موسى وأرسل منه عيسى، وما لم يكن فيه شجر لا يسمى طورًا إنما يقال له جبل ﴿وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (٢)﴾ قيل: هو اللوح المحفوظ، وقيل: الكتب المنزلة المكتوبة التي تقرأ على الناس جهارًا ولهذا قال: ﴿فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (٣) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (٤)﴾ ثبت في الصحيحين أن رسول الله قال في حديث الإسراء بعد مجاوزته إلى السماء السابعة: "ثم رُفع بي إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألفًا لا يعودون إليه آخر ما عليهم" يعني: يتعبدون فيه ويطوفون به كما يطوف أهل الأرض بكعبتهم، كذلك ذاك البيت المعمور هو كعبة أهل السماء السابعة، ولهذا وجد إبراهيم الخليل


(١) أخرجه الإمام مالك بسنده ومتنه (الموطأ، الصلاة، باب القراءة في المغرب والعشاء ح ٢٣). وسنده صحيح.
(٢) صحيح البخاري، الأذان، باب الجهر في المغرب (ح ٧٦٥) وصحيح مسلم الصلاة، باب القراءة في الصبح (ح ٤٦٣).
(٣) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، التفسير، سورة الطور باب ١ ح ٤٨٥٣).