للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فأكفره جهال الناس، وسبوه، ووقف (علماؤهم) (١)، فلم يزل (جهالهم) (٢) يسبونه حتى أنزل الله على محمد : ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا﴾.

وقال ابن جرير (٣): حدثني أبو السائب سلم بن جنادة السوائي، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان سليمان إذا أراد أن يدخل الخلاء، أو يأتي شيئًا من نسائه، أعطى الجرادة - وهي امرأة - خاتمه، فلما أراد الله أن يبتلي سليمان بالذي ابتلاه به أعطى الجرادة ذات يوم خاتمه، فجاء الشيطان في صورة سليمان، فقال: هاتي خاتمي، فأخذه ولبسه؛ فلما لبسه دانت له الشياطين والجن والإنس.

قال: فجاءها سليمان، فقال لها: هاتي خاتمي؛ فقالت: كذبت، لست سليمان؛ قال: فعرف سليمان أنه بلاء ابتلي به. قال: فانطلقت الشياطين، فكتبت في تلك الأيام كتبًا فيها سحر وكفر، (ثم دفنوها) (٤) تحت كرسي سليمان، ثم أخرجوها (فقرءوها) (٥) على الناس، وقالوا: إنما كان سليمان يغلب الناس بهذه الكتب، قال: فبرئ الناس من سليمان (٦) (وأكفروه) (٧) حتى بعث الله محمدًا ؛ فأنزل عليه: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا﴾.

ثم قال ابن جرير (٨): حدثنا ابن حميد، حدثنا جرير، عن حصين بن عبد الرحمن، عن عمران - وهو ابن الحارث - قال: بينما نحن عند ابن عباس رضي الله (عنهما) إذ جاء رجل، فقال له: من أين جئت؟ قال: من العراق. قال: من أيه؟ قال: من الكوفة. قال: فما الخبر؟ قال: تركتهم يتحدثون أن عليًا خارج إليهم، ففزع؟ ثم قال: ما تقول؟ لا أبا لك! لو شعرنا ما نكحنا نساءه ولا قسمنا ميراثه، أما إني (سأحدثكم) (٩) عن ذلك، إنه كانت الشياطين يسترقون السمع من السماء، فيجئ أحدهم بكلمة حق قد سمعها، فإذا (جرب منه صدق) (١٠) كذب معها سبعين كذبةً؛ قال: فتشربها قلوب الناس، قال: فأطلع الله عليها سليمان ، فدفنها تحت كرسيه.

فلما توفي سليمان قام شيطان الطريق؛ فقال: (ألا) (١١) أدلكم على كنزه الممنع الذي لا كنز له مثله؟ تحت الكرسي.


(١) في (ن): "علماء الناس".
(٢) في (ن): "جهال الناس".
(٣) في "تفسيره" (١٦٥٤، ١٦٦٠)؛ وابن أبي حاتم (١٠٠٢) مختصرًا وسنده جيد. [والخبر من الإسرائيليات].
(٤) في (ن): "فدفنوها".
(٥) في (ن): "وقرؤها".
(٦) ساقط من (ن).
(٧) في (ن): "كفروه".
(٨) في "تفسيره" (١٦٦٢) وقد توبع محمد بن حميد شيخ الطبري. فتابعه إسحاق بن راهويه فقال: أنبأنا جرير بسنده سواء؛ أخرجه الحاكم في "المستدرك" (٢/ ٢٦٥) وسنده صحيح وأخرجه ابن أبي حاتم (٩٩٦) قال: حدثنا علي بن حرب الموصلي، ثنا القاسم بن يزيد، عن سفيان عن حصين بسنده سواء ببعضه.
(٩) كذا في (ز) و (ض) و (ع) و (ك) و (ن) و (ى) وكذلك هو في "الطبري"، وفي (ج) و (ل): "سأحدثك".
(١٠) كذا في (ج) و (ز) و (ض) و (ع) و (ل) و (ى)، وضبطها ناسخ (ع). ووقع في (ك) و (ن): "فإذا جرت منه وصدق"؛ وفي "تفسير الطبري": "فإذا حدث منه صدق" ولعل كليهما تصحيف، ولهما في التأويل وجه.
(١١) في (ز) و (ض): "أفلا"؛ وفي (ن): "هل".