للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر، تحت راعوفة ببئر (ذي أروان) (١)؛ وكان الذي تولى ذلك منهم رجل يقال له: لبيد بن الأعصم، لعنه الله، (وقبحه) (٢)؛ فأطلع الله على ذلك رسول الله ، وشفاه منه، وأنقذه، كما ثبت ذلك مبسوطًا في "الصحيحين" (٣)، عن عائشة أم المؤمنين كما سيأتي بيانه.

قال السدي (٤): ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ﴾ قال: لما جاءهم محمد عارضوه بالتوراة، فخاصموه بها، فاتفقت التوراة والقرآن، فنبذوا التوراة، وأخذوا بكتاب آصف وسحر هاروت وماروت؛ فلم يوافق القرآن؛ فذلك قوله: ﴿وَكَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

وقال قتادة (٥) في قوله: ﴿كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ قال: إن القوم كانوا يعلمون؛ ولكنهم نبذوا علمهم، وكتموه، وجحدوا به.

وقال العوفي في "تفسيره" (٦)، عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا﴾ وكان حين ذهب ملك سليمان، ارتد فئام من الجن والإنس واتبعوا الشهوات؛ فلما (رَجَعَ) (٧) الله إلى سليمان ملكه، وقام الناس على الدين كما كان، (وأن) (٨) سليمان ظهر على كتبهم فدفنها تحت كرسيه، وتوفي سليمان حدثان ذلك؛ فظهر الإنس والجن على الكتب بعد وفاة سليمان؛ وقالوا: هذا كتاب من الله نزل على سليمان؛ (أخفاه منا) (٩)؛ فأخذوا به، فجعلوه دينًا؛ فأنزل الله (تعالى) (١٠) ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (١٠١)﴾ واتبعوا الشهوات التي كانت (تتلوا الشياطين) (١١) وهي المعازف واللعب، وكل شيء يصد عن ذكر الله.

وقال ابن أبي حاتم (١٢): حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو أسامة، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس؛ قال: كان آصف كاتب سليمان، وكان يعلم الاسم الأعظم، وكان يكتب كل شيء بأمر سليمان، ويدفنه تحت كرسيه، فلما مات سليمان أخرجته الشياطين، فكتبوا بين كل سطرين سحروًا وكفرًا؛ وقالوا: هذا الذي كان سليمان يعمل بها.


(١) في (ن): "ذروان".
(٢) من (ن).
(٣) أخرجه البخاري (٦/ ٢٧٦، ٣٣٤؛ و ١٠/ ٢٢١، ٢٣٢، ٢٣٥، ٢٣٦، ٤٧٩؛ و ١١/ ١٩٢، ١٩٣)؛ ومسلم (٢١٨٩/ ٤٣، ٤٤).
(٤) أخرجه ابن جرير (١٦٤٤)؛ وابن أبي حاتم (٩٨٢، ٩٨٥) من طريق عمرو بن حماد، ثنا أسباط عن السدي. وليس عند الطبري: "فلم يوافق القرآن". وسنده حسن.
(٥) أخرجه ابن جرير (١٦٤٥) وسنده صحيح.
(٦) ومن طريقه ابن أبي حاتم (٩٩٠) وهو سند مسلسل بالضعفاء.
(٧) في (ل) و (ن): "أرجع".
(٨) كذا سائر "الأصول"؛ وفي (ز): "أو أن".
(٩) في (ز) و (ن): "أخفاه عنا".
(١٠) من (ن).
(١١) ساقط من (ز) و (ض).
(١٢) في "تفسيره" (٩٨٨).
وأخرجه النسائي في "تفسيره" (١٤) قال: أخبرنا محمد بن العلاء، عن أبى أُسامة مثله. وسنده جيد. [والخبر من الإسرائيليات].