للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال (شعبة) (١)، عن السدي: نزلت هذه الآية في قيس بن الخطيم: ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ … ﴾ الآية.

وقال أسباط (٢)، عن السدي، عن عبد خير؛ قال: غزونا مع سلمان بن ربيعة الباهلي (بلنجر) (٣)، فحاصرنا أهلها ففتحنا المدينة وأصبنا سبايا، واشترى عبد الله بن سلام يهوديةً بسبعمائة؛ فلما مر برأس الجالوت نزل به؛ فقال له عبد الله: يا رأس الجالوت، هل لك في عجوز ها هنا من أهل دينك تشتريها مني؟ قال: نعم، قال: أخذتها بسبعمائة درهم. قال: فإني أربحك سبعمائةً أخرى. قال: فإني قد حلفت أن لا أنقصها من أربعة آلاف. قال: لا حاجة لي فيها. قال: والله لتشترينها مني أو لتكفرن بدينك الذي أنت عليه. قال: ادن مني، فدنا منه، فقرأ في أذنه (التي) (٤) في التوراة: إنك لا تجد مملوكًا من بني إسرائيل إلا اشتريته فأعتقته؛ ﴿وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ﴾ قال: أنت عبد الله بن سلام؟ قال: نعم. قال: فجاء بأربعة آلاف، فأخذ عبد الله ألفين ورد عليه ألفين.

وقال آدم بن أبي إياس (٥) في "تفسيره": حدثنا أبو جعفر؛ يعني: الرازي، حدثنا الربيع بن أنس، أخبرنا أبو العالية: أن عبد الله بن سلام مر على رأس الجالوت بالكوفة وهو يفادى من النساء من لم يقع (عليها) (٦) مكتوب عندك في كتابك أن تفاديهن كلهن.

والذي أرشدت إليه الآية الكريمة، وهذا السياق، ذم اليهود في قيامهم بأمر التوراة التي يعتقدون صحتها، ومخالفة شرعها، مع معرفتهم بذلك، وشهادتهم له بالصحة، فلهذا لا يؤتمنون على ما فيها، ولا على نقلها، ولا يصدقون فيما كتموه من صفة رسول الله ونعته، ومبعثه، ومخرجه، ومهاجره، وغير ذلك من شؤونه التي أخبرت بها الأنبياء قبله (عليهم الصلاة والسلام).

واليهود عليهم لعائن الله يتكاتمونه بينهم؛ ولهذا قال تعالى: ﴿فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ (أي) (٧): بسبب مخالفتهم شرع الله وأمره؛ ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ﴾ جزاءً على (ما كتموه من) (٨) كتاب الله الذي بأيديهم، ﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا (تَعْمَلُونَ) (٩) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ﴾ أي: استحبوها على الآخرة واختاروها، ﴿فَلَا


(١) في (ن): "وقال أسباط عن السدي، عن الشعبي"!! وأخرجه ابن أبي حاتم (٨٦٦) من طريق حمدان بن الوليد البصري، ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة عن السدي. وحمدان لم أجد له ترجمة.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٨٧٠) بسند حسن.
(٣) في (ل): "بكنجر"! و"بلنجر" قال ياقوت في "معجم البلدان" (١/ ٤٨٩): "بفتحتين وسكون النون فجيم مفتوحة وراء: مدينة ببلاد الخزر خلف باب الأبواب".
(٤) في (ن): "مما".
(٥) ومن طريقه ابن جرير (١٤٨٠) قال: حدثني المثنى، قال: حدثنا آدم بن أبي إياس. والمثنى لم أجد له ترجمة، ولكنه لم يتفرد برواية تفسير آدم. [وسنده جيد].
(٦) في (ن): "عليه".
(٧) من (ز) و (ض) و (ك) و (ى).
(٨) في (ن): "مخالفتهم".
(٩) في (ز): "يعملون" وهي قراءة نافع، وابن كثير، وشعبة، ويعقوب الحضرمي.