للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن النقول الغريبة ها هنا ما ذكره ابن أبي حاتم في "تفسيره" (١): حدثنا أبي، حدثنا محمد بن خلف العسقلاني، حدثنا عبد الله بن يوسف - يعني: (التنيسي) (٢)، حدثنا خالد بن (صبيح) (٣)، عن حميد بن عقبة، عن أسد بن وداعة - أنه كان يخرج من منزله فلا يلى يهوديًا ولا نصرانيًا إلا (سلَّم) (٤) عليه؛ فقيل له: ما شأنك؟ تسلم على اليهودي والنصراني فقال: إن الله (تعالى) (٥) يقول: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ وهو السلام.

قال (٦): وروى عن عطاء الخراساني (٧) نحوه.

قلت: وقد (ثبت في) (٨) السنة أنهم لا يبدؤون بالسلام (٩)، والله أعلم (١٠).

﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (٨٤) ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٨٥) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (٨٦)﴾.

يقول (الله) (١١) (تبارك و) (١٢) تعالى، منكرًا على اليهود الذين كانوا في زمان رسول الله بالمدينة، وما كانوا يعانونه من القتال مع الأوس والخزرج؛ وذلك أن الأوس والخزرج، وهم


(١) رقم (٨٥٢) ورجاله ثقات إلا حميد بن عقبة، فترجمه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (١/ ٢/ ٢٢٦) وذكره ابن حبان في "الثقات" (٤/ ١٥٠).
(٢) في (ل): "السبسبي"!
(٣) في (ل): "صبح" وهو خطأ. واسمه: خالد بن يزيد بن صالح بن صبيح. من رجال "تهذيب الكمال" (٨/ ١٩٣ - ١٩٦) وثقه دحيم، والعجلي، وأبو حاتم وزاد: "صدوق"؛ وابن حبان. وقال النسائي: "ليس به بأس"، وقال الدارقطني: يعتبر به.
(٤) في (ل): "يسلم".
(٥) من (ن).
(٦) القائل هو: ابن أبي حاتم.
(٧) لم أقف عليه.
وأخرج ابن جرير (١٤٥٦)؛ وابن أبي حاتم (٨٤٨)؛ وابن أبي الدنيا في "الصمت" (٣٠٤) من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح وأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين في قوله: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ [البقرة: ٨٣] قال: للناس كلهم.
وأخرجه ابن أبي الدنيا (٣٠٨) من طريق خالد بن عبد الله، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء وحده فذكر مثله وزاد: "المشرك غيره" وسنده قوي.
(٨) في (ك): "ثبتت".
(٩) يشير المصنف إلى ما رواه أبو هريرة مرفوعًا: "لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه".
أخرجه مسلم (٢١٦٧/ ١٣).
(١٠) في (ع) بعد قوله: الله أعلم: "بلغ قراءةً على المصنف، فسح الله في مدته، معارضًا بأصله".
(١١) لفظ الجلالة من (ض).
(١٢) من (ز) و (ن).