للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمعروف؛ كما قال الحسن البصري (١) في قوله تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ فالحسن من القول: تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتحلم وتعفو وتصفح، وتقول للناس حسنًا؛ كما قال الله؛ وهو كل خلق حسن (رضيَه (٢) الله.

[وقرأ بعضهم "حَسَنًا" (٣) أي: قولًا حسنًا، وقرأ آخرون: "حُسْنىَ" (٤) مثل: "فعلى"، وأنكرها على الأخفش جماعة، وقالوا: لا يستعمل ذلك إلا بالألف واللام، مثل: الكبرى، والحسنى، والعظمى. وعزوه إلى سيبويه. نقله القرطبي (٥)] (٦).

وقال الإمام أحمد (٧): حدثنا روح، حدثنا أبو عامر الخزاز، عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر () (٨)، عن النبي أنه قال: "لا تحقرن من المعروف شيئًا، وإن لم تجد فالْق أخاك بوجه (طلق) (٩) ".

وأخرجه مسلم في "صحيحه" والترمذي وصححه من حديث أبي عامر الخزاز، واسمه صالح بن رستم، به.

وناسب أن يأمرهم بأن يقولوا للناس حسنًا بعد ما أمرهم بالإحسان إليهم بالفعل؛ (فجمع) (١٠) بين طرفي الإحسان (الفعلي) (١١) والقولي.

ثم أكد الأمر بعبادته والإحسان إلى الناس (بالمتعين) (١٢) من ذلك، وهو الصلاة والزكاة؛ فقال: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة: ٤٣] وأخبر أنهم تولوا عن ذلك كله؛ أي: تركوه وراء ظهورهم، وأعرضوا عنه على عمد بعد العلم به إلا القليل منهم.

وقد أمر (الله تعالى) (١٣) هذه الأمة بنظير ذلك في "سورة النساء" بقوله: ﴿* وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (٣٦)[النساء: ٣٦] فقامت هذه الأمة من ذلك بما لم تقم به أمة من الأمم قبلها. ولله الحمد والمنة.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم (٨٥٠) وسنده ضعيف.
(٢) في (ل): "وصية"!!.
(٣) [وهي قراءة متواترة].
(٤) [وهي قراءة شاذة].
(٥) في "تفسيره" (٢/ ١٦).
(٦) من (ج) و (ع) و (ل) و (ى)، وجاءت هذه الفقرة متقدمة في (ى) على قوله: "أي كلموهم طيبًا … إلخ".
(٧) في "المسند" (٥/ ١٧٣).
وأخرجه مسلم (٢٦٢٦/ ١٤٤)؛ وابن حبان (٥٢٣) عن عثمان بن عمر. والترمذي (١٨٣٣) عن إسرائيل بن يونس كلاهما عن أبي عامر الخزاز صالح بن رستم بسنده سواء. زاد الترمذي: "وإن اشتريت لحمًا أو طبخت قدرًا فأكثر مرقته وأغرف لجارك منه". ولابن حبان نحوه.
وأخرج هذه الزيادة مسلم (٢٦٢٥/ ١٤١ - ١٤٣)؛ والبخاري في "الأدب المفرد" (١١٤)؛ وابن ماجه (٣٣٦٢)؛ وأحمد (٥/ ١٤٩، ١٥٦)؛ والحميدي (١٣٩)؛ وابن حبان (٥١٣، ٥١٤) وغيرهم من طريق أبي عمران الجوني به. قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
(٨) من (ز) و (ل) و (ن).
(٩) كذا في (ج) وهو الموافق لما في (المسند) و"صحيح مسلم" وغيرهما. ووقع في سائر "الأصول": "منطلق".
(١٠) في (ج): "جمع"؛ وفي (ل): "بعد أن جمع".
(١١) في (ل): "العقلي"!!
(١٢) في (ز): "بالمعين".
(١٣) كذا في (ل). ووقع في (ج) و (ز) و (ض) و (ع) و (ك) و (ى): "تعالى"؛ وفي (ن): "الله".