للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(عمران، عن قتادة) (١)، عن عبد ربه، عن (أبي عياض) (٢)، عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله قال: "إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه. وإن رسول الله ضرب لهم مثلًا كمثل قوم نزلوا بأرض فلاة، فحضر صنيع القوم فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود والرجل يجيءُ بالعود حتى جمعوا سوادًا، وأججوا نارًا، فأنضجوا ما قذفوا فيها".

وقال محمد بن إسحاق (٣): حدثني محمد، عن سعيد أو عكرمة، عن ابن عباس: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٨٢)﴾ أي: من آمن بما كفرتم، وعمل بما تركتم من دينه فلهم الجنة خالدين فيها؛ يخبرهم أن الثواب بالخير، والشر مقيم على أهله (أبدًا لا انقطاع له) (٤).

﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (٨٣)﴾.

يذكر بني إسرائيل بما أمرهم به من الأوامر وأخذه ميثاقهم على ذلك، وأنهم تولوا عن ذلك كله، وأعرضوا قصدًا وعمدًا، وهم يعرفونه ويذكرونه؛ فأمرهم (تعالى) (٥) أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا؛ وبهذا أمر جميع خلقه؛ ولذلك خلقهم كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)[الأنبياء: ٢٥] وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦].

وهذا هو أعلى الحقوق وأعظمها، وهو حق الله (تبارك و) (٥) تعالى أن يعبد وحده لا شريك له، ثم بعده حق المخلوقين؛ وآكدهم وأولاهم بذلك حق الوالدين؛ ولهذا يقرن (الله) (٦) (تبارك و) (٥) تعالى بين حقه وحق الوالدين، كما قال تعالى: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ [لقمان: ١٤] وقال (تبارك (٥) و) تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا … ﴾ [الإسراء: ٢٣] إلى أن قال: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ﴾ [الإسراء: ٢٦].

وفي "الصحيحين" (٧) عن ابن مسعود: قلت: "يا رسول الله؛ أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة على وقتها. قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين. قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله".

ولهذا جاء في الحديث الصحيح (٨) أن رجلًا قال: يا رسول الله، من أبر؟ قال: "أمك.


(١) وقع في (ج) و (ع) و (ل) و (ى): "عمر بن قتادة"؛ وفي (ز) و (ن): "عمرو بن قتادة"؛ وفي (ك): "عمر بن صادق" وكل هذا خطأ.
(٢) في (ن): "أبي عياظ"!
(٣) أخرجه ابن جرير (١٤٤٥)؛ وابن أبي حاتم (٨٣٦). [وسنده حسن].
(٤) في (ز): "لا انقطاع له أبدًا".
(٥) من (ن).
(٦) لفظ الجلالة من (ز) و (ض).
(٧) أخرجه البخاري (٢/ ٩؛ و ١٠/ ٤٠٠؛ و ١٣/ ٥١٠)؛ وفي "الأدب المفرد" (١)؛ ومسلم (٨٥/ ١٣٩).
(٨) أخرجه مسلم (٢٥٤٨/ ٢)؛ وأبو يعلى في "مسنده" (ج ١٠/ رقم ٦٠٩٤) قالا: حدثنا أبو كريب، ثنا محمد بن =