للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك الأمر إلى قيام الساعة: كل من اتبع الرسول النبي الأمي فله السعادة الأبدية، ولا خوف عليهم فيما يستقبلونه، ولا هم يحزنون على ما يتركونه ويخلفونه؛ كما قال تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢)[يونس] وكما تقول الملائكة للمؤمنين عند الاحتضار في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠)[فصلت].

قال ابن أبي (١) حاتم: حدثنا أبي، حدثنا ابن أبي عمر (العدني) (٢)، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد؛ قال: قال سلمان () (٣): سألت النبي عن أهل دين كنت معهم؛ (فذكر) (٤) من صلاتهم وعبادتهم، فنزلت: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ … ﴾ إلى آخر الآية.

وقال المسدي (٥): ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ الآية نزلت في أصحاب سلمان الفارسي؛ بينا هو يحدث النبي إذ ذكر أصحابه، فأخبره خبرهم؛ فقال: كانوا يصلون ويصومون ويؤمنون بك، ويشهدون أنك ستبعث نبيًا. فلما فرغ سلمان من ثنائه عليهم قال له نبي الله : "يا سلمان؛ هم من أهل النار"؛ فاشتد ذلك على سلمان؛ فأنزل الله هذه الآية؛ فكان إيمان اليهود أنه [من تمسك بالتوراة وسنة موسى حتى جاء عيسى؛ فلما جاء عيسى كان] (٦) من تمسك بالتوراة وأخذ بسنة موسى فلم يدعها ولم يتبع عيسى كان هالكًا. وإيمان النصارى أن من تمسك بالإنجيل منهم وشرائع عيسى كان مؤمنًا مقبولًا منه حتى جاء محمد ، فمن لم يتبع محمدًا منهم ويدع ما كان عليه من سنة عيسى والإنجيل كان هالكًا.

وقال ابن أبي حاتم: وروي عن سعيد بن جبير نحو هذا.

(قلت) (٧): وهذا لا ينافي ما روى علي بن (٨) أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا


(١) في "تفسيره" (٦٣٨).
وأخرجه ابن أبي عمر العدني في "مسنده"، كما في "الدر المنثور" (١/ ٧٣) وسنده ضعيف لانقطاعه بين مجاهد وسلمان .
(٢) في (ز) و (ض): "العوفي"؛ وفي (ن): "العدوى" وكلاهما خطأ.
(٣) من (ن).
(٤) في (ز) و (ل) و (ن): "فذكرت".
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (٦٤٠) قال: حدثنا أبو زرعة. وأخرجه ابن جرير (١١١٢) قال: حدثني موسى بن هارون قالا: حدثنا عمرو بن حماد، ثنا أسباط بن نصر، عن السدي فذكره. وهذا سند ضعيف للانقطاع بين السدي وسلمان ، وربما اختصر السدي السند، وسند نسخته في التفسير معروف. والله أعلم.
ثم صدق ما توقعته من الاحتمال والحمد لله، فقد رأيته في "كتاب التوحيد" (١/ ٣١٥، ٣١٦) لابن منده فرواه من طريقين عن عمرو بن حماد، ثنا أسباط بن نصر، عن إسماعيل السدي، عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن عبد الله بن مسعود أن سلمان الفارسي … فذكره مثل سياق ابن أبي حاتم. وهذا سند حسن كما تقدم تحقيقه.
وسياق ابن جرير أطول وأوضح من هذا.
(٦) ساقط من (ض).
(٧) في (ك): "قال".
(٨) أخرجه ابن جرير (١١١٤)؛ وابن أبي حاتم (٦٣٩) من طريقين عن أبي صالح كاتب الليث، حدثني =