للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتح بلدًا أن يصلِّي فيه ثماني ركعات عند أول دخوله، كما فعل سعد بن أبي وقاص (١) لما دخل إيوان كسرى؛ صلى فيه ثماني ركعات. والصحيح أنه يفصل بين كل ركعتين بتسليم؛ وقيل: يصليها كلها بتسليم واحد. والله أعلم.

[وقد تكلم القرطبي (٢) ها هنا على مسألة رواية الحديث بالمعنى، وأطال الكلام فيها، وحكى عن الجمهور وعن محمد بن سيرين، والقاسم بن محمد، ورجاء بن حيوة المنع، واختار ابن العربي (٣) المالكي أن ذلك يجوز (في زمن) (٤) الصحابة والتابعين لعلمهم باللغة، وقدرتهم على المطابقة، وأما من بعدهم فلا يجوز وقد أنكر بعض العلماء (٥) على ابن العربي التفرقة والله أعلم.

قال وكيع: إن لم تكن الرواية بالمعنى فقد هلك الناس. وصدق وكيع.

وقال الحسن البصري: إذا أصبت المعنى أجزأك. وقال قتادة عن زرارة: لقيت عدةً من الصحابة، فاختلفوا علي في اللفظ، واجتمعوا في المعنى] (٦).

وقوله تعالى: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾: قال البخاري (٧): (حدثني) (٨) محمد، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن ابن المبارك، عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة عن النبي ، قال: "قيل لبني إسرائيل: ادخلوا الباب سجدًا وقولوا حطة، فدخلوا يزحفون على أستاههم، فبدلوا وقالوا حبة في شعرة".

ورواه النسائي، عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، عن عبد الرحمن (بن مهدي) (٩) به - موقوفًا؛ وعن محمد بن عبيد بن محمد، عن ابن المبارك ببعضه مسندًا في قوله تعالى: ﴿حِطَّةٌ﴾ قال: [فبدلوا (فقالوا) (١٠)] (١١) حبة.


(١) ذكر المصنف خبر سعد في "البداية والنهاية" (٧/ ٧٤) في أحداث سنة "ست عشرة".
(٢) في "تفسيره" (١/ ٤١١ - ٤١٤).
(٣) في "أحكام القرآن" (١/ ٢٢).
(٤) كذا في (ج) و (ى)؛ وفي (ل): "في المطابقة ومن"!!
(٥) قال القرطبي (١/ ٤١٤) بعد تلخيص كلام ابن العربي: "قال بعض علمائنا: لقد تعاجم ابن العربي ، فإن الجواز إذا كان مشروطًا بالمطابقة فلا فرق بين زمن الصحابة والتابعين وزمن غيرهم، ولهذا لم يفصل أحد من الأصوليين ولا أهل الحديث هذا التفصيل. نعم؟ لو قال: المطابقة في زمنه أبعد كان أقرب. والله أعلم". اهـ.
وانظر بحث الرواية بالمعنى وجوازه من عدمه في "الكفاية" (ص ١٧١ - ٢٠٣) للخطيب البغدادي.
(٦) من (ل)، وكتب في (ج) و (ى) في الحاشية.
(٧) في "تفسير سورة البقرة" من "صحيحه" (٨/ ١٦٤).
(٨) من (ز) وهو الموافق لما في "الصحيح"، وفي بقية الأصول: "حدثنا". ومحمد، شيخ البخاري قال الحافظ في "الفتح" (٨/ ١٦٤): "لم يقع منسوبًا إلا في رواية أبي علي بن السكن، عن الفربري فقال: محمد بن سلام، ويحتمل عندي أن يكون محمد بن يحيى الذهلي فإنه يروى عن عبد الرحمن بن مهدي أيضًا، أما أبو علي الجياني فقال: الأشبه أنه محمد بن بشار".
(٩) ساقط من (ن).
(١٠) في (ن): "وقالوا".
(١١) ساقط من (ج) و (ل).