للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والأرض هل تعلمان ذلك؟ قالا: نعم. فلما توفي رسول الله قال أبو بكر: أنا ولي رسول الله ، فجئت أنت وهذا إلى أبي بكر تطلب أنت ميراثك من ابن أخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها، فقال أبو بكر : قال رسول الله : "لا نورث، ما تركنا صدقة" والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق فوليها أبو بكر، فلما توفي قلت أنا ولي رسول الله وولي أبي بكر فوليتها ما شاء الله أن أليها، فجئت أنت وهذا وأنتما جميع وأمركما واحد فسألتمانيها، فقلت إن شئتما فأنا أدفعها إليكما على أن عليكما عهد الله أن تلياها بالذي كان رسول الله يليها، فأخذتماها مني على ذلك ثم جئتماني لأقضي بينكما بغير ذلك، واللهِ لا أقضي بينكما بغير ذلك حتى تقوم الساعة فإن عجزتما عنها فردَّاها إليَّ (١). أخرجوه من حديث [الزَّهري] (٢) به (٣).

قال الإمام أحمد: حدثنا عارم وعفان قالا: أخبرنا معتمر سمعت أبي يقول: حدثنا أنس بن مالك، عن رسول الله قال: إن الرجل كان يجعل له من ماله النخلات أو كما شاء الله حتى فتحت عليه قريظة والنضير. قال: فجعل يرد بعد ذلك، قال: وإن أهلي أمروني أن آتي النبيَّ فأسأله الذي كان أهله أعطوه أو بعضه، وكان نبي الله قد أعطاه أُم أيمن أو كما شاء الله قال: فسألت النبي فأعطانيهن، فجاءت أُم أيمن فجعلت الثوب في عنقي وجعلت تقول: كلا والله الذي لا إله إلا هو لا يعطيكهن وقد أعطانيهن، أو كما قالت، فقال نبي الله: "لك كذا وكذا". قال: وتقول: كلَّا والله. قال: ويقول: "لك كذا وكذا" قال: وتقول: كلَّا واللهِ، قال: "ويقول لك كذا وكذا" قال: حتى أعطاها حسبت أنه قال: عشرة أمثاله أو قال قريبًا من عشرة أمثاله، أو كما قال (٤). رواه البخاري ومسلم من طرق عن معتمر (٥) به.

وهذه المصارف المذكورة في هذه الآية هي المصارف المذكورة في خمس الغنيمة، وقد قدمنا الكلام عليها في سورة الأنفال بما أغنى عن إعادته ههنا، ولله الحمد.

وقوله تعالى: ﴿كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾ أي: جعلنا هذه المصارف لمال الفيء كيلا يبقى مأكلة يتغلب عليها الأغنياء ويتصرفون فيها بمحض الشهوات والآراء، ولا يصرفون منه شيئًا إلى الفقراء.

وقوله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ أي: مهما أمركم به فافعلوه ومهما نهاكم عنه فاجتنبوه، فإنه إنما يأمر بخير وإنما ينهى عن شر.


(١) أخرجه أبو داود بسنده ومتنه (السنن، الخراج والإمارة، باب في صفايا رسول الله ح ٢٩٦٣) وسنده صحيح.
(٢) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل صُحف إلى: "الترمذي".
(٣) صحيح البخاري، فرض الخمس، باب فرض الخمس (ح ٣٠٩٤) وصحيح مسلم، الجهاد، باب حكم الفيء (ح ١٧٥٧)، وسنن الترمذي، السير، باب ما جاء في تركة رسول الله (ح ١٦١٠) والسنن الكبرى للنسائي، التفسير، باب (ما أفاء على الله مع رسوله) (ح ١١٥٧٥).
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ٢١٩) وسنده صحيح.
(٥) صحيح البخاري، المغازي، باب مرجع النبي من الأحزاب (ح ٤١٢٠) وصحيح مسلم، الجهاد، باب ردّ المهاجرين إلى الأنصار منائحهم من الشجر والثمر … (ح ١٧٧١).