للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال الإمام أحمد: حدثنا سفيان، عن عمرو ومعمر، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لو يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول الله خالصة، فكان ينفق على أهله منها نفقة سنته، وقال مرة: قوت سنته وما بقي جعله في الكراع والسلاح في سبيل الله ﷿ (١)، هكذا أخرجه أحمد ههنا مختصرًا، وقد أخرجه الجماعة في كتبهم إلا ابن ماجه من حديث سفيان، عن عمرو بن دينار، عن الزهري به (٢)، وقد رويناه مطولًا.

وقال أبو داود : حدثنا الحسن بن علي ومحمد بن يحيى بن فارس المعنى واحد قالا: حدثنا بشر بن عمر الزهراني، حدثني مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن مالك بن أوس قال: أرسل إليَّ عمر بن الخطاب حين تعالى النهار فجئته فوجدته جالسًا على سرير مفضيًا إلى رماله (٣)، فقال حين دخلت عليه: يا مالك إنه قد دفَّ (٤) أهل أبيات من قومك، وقد أمرت فيهم بشيء فاقسم فيهم، قلت: لو أمرت غيري بذلك. فقال: خذه، فجاءه يرفا (٥) فقال: يا أمير المؤمنين هل لك في عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص؟ قال: نعم.

فأذن لهم فدخلوا، ثم جاءه يرفا فقال: يا أمير المؤمنين هل لك في العباس وعلي؟ قال: نعم، فأذن لهما فدخلا فقال العباس: يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا يعني: عليًا، فقال بعضهم: أجل يا أمير المؤمنين اقضِ بينهما وأرحهما، قال مالك بن أوس: خُيل إليَّ أنهما قدما أولئك النفر لذلك، فقال عمر اتئدا ثم أقبل على أولئك الرهط فقال: أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون أن رسول الله قال: "لا نورث، ما تركنا صدقة"؟ قالوا: نعم. ثم أقبل على علي والعباس فقال: أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمان أن رسول الله قال: "لا نورث، ما تركنا صدقة"؟ فقالا: نعم. فقال: إن الله خص رسوله بخاصة لم يخص بها أحدًا من الناس فقال تعالى: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦)﴾ فكان الله تعالى أفاء على رسوله أموال بني النضير، فوالله ما استأثر بها عليكم ولا أحرزها دونكم، فكان رسول الله يأخذ منها نفقة سنة أو نفقته ونفقة أهله سنة، ويجعل ما بقي أسوة (٦) المال.

ثم أقبل على أولئك الرهط فقال: أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون ذلك؟ قالوا: نعم. ثم أقبل على علي والعباس فقال: أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ١/ ٢٥) وسنده صحيح.
(٢) صحيح البخاري، الجهاد، باب المجن ومن يترَّس بترس صاحبه (ح ٢٩٠٤) وصحيح مسلم، الجهاد، باب حكم الفيء (ح ١٧٥٧)، وسنن أبي داود، الخراج، باب في صفايا رسول الله (ح ٢٩٦٥)، وسنن الترمذي، الجهاد، باب ما جاء في الفيء (ح ١٧١٩)، وسنن النسائي، قسم الفيء ٧/ ١٣٢.
(٣) أي: موصلًا جسده إلى رماله، ورمال السرير: ما ينسج في وجهه بالسعف.
(٤) أي: جاءوا مسرعين.
(٥) هو اسم غلام لعمر .
(٦) أي: يجعله لا ينفرد به أحد.