للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الواجبات والمستحبات، وتركوا المحرمات والمكروهات وبعض المباحات.

﴿فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (٨٩)﴾ أي: فلهم روح ﴿وَرَيْحَانٌ﴾ وتبشرهم الملائكة بذلك عند الموت كما تقدم في حديث البراء أن ملائكة الرحمة تقول: أيتها الروح الطيبة في الجسد الطيب كنت تعمرينه، اخرجي إلى روح وريحان وربٍّ غير غضبان (١).

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس ﴿فَرَوْحٌ﴾ يقول: راحة، وريحان يقول: مستراحة (٢)، وكذا قال مجاهد: إن الروح الاستراحة (٣).

وقال أبو حزرة: الراحة من الدنيا.

وقال سعيد بن جبير والسدي: الروح الفرح (٤).

وعن مجاهد: ﴿فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ﴾ جنة ورخاء.

وقال قتادة: فروح فرحمة (٥).

وقال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير: وريحان: ورزق (٦)، وكل هذه الأقوال متقاربة صحيحة، فإن من مات مقربًا حصل له جميع ذلك من الرحمة والراحة والاستراحة، والفرح والسرور والرزق الحسن، ﴿وَجَنَّتُ نَعِيمٍ﴾.

وقال أبو العالية: لا يفارق أحد من المقربين حتى يؤتى بغصن من ريحان الجنة فيقبض روحه (٧) فيه.

وقال محمد بن كعب: لا يموت أحد من الناس حتى يعلم من أهل الجنة هو أم من أهل النار، وقد قدمنا أحاديث الاحتضار عند قوله تعالى في سورة إبراهيم: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ﴾ [٢٧] ولو كتبت ههنا لكان حسنًا، من جملتها حديث تميم الداري، عن النبي يقول: "يقول الله تعالى لملك الموت انطلق إلى [فلان فائتني به فإنه قد جربته بالسراء والضراء] (٨) فوجدته حيث أحب، ائتني فلأريحه، قال: فينطلق إليه ملك الموت ومعه خمسمائة من الملائكة معهم أكفان وحنوط من الجنة، ومعهم ضبائر الريحان - أصل الريحانة واحد - وفي رأسها عشرون لونًا لكل لون منها ريح سوى ريح صاحبه، ومعهم الحرير الأبيض فيه المسك" (٩). وذكر تمام الحديث بطوله كما تقدم وقد وردت أحاديث تتعلق بهذه الآية.

قال الإمام أحمد: حدثنا يونس بن محمد، حدثنا هارون، عن بديل بن ميسرة، عن عبد الله بن


(١) تقدم تخريجه في تفسير سورة إبراهيم آية ٢٧.
(٢) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٣) أخرجه آدم والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٤) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أبي إسحاق السبيعي عن سعيد بن جبير.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٦) تقدم تخريجه بالأسانيد المتقدمة في الروايات الأربع السابقة.
(٧) أخرجه الطبري بسند جيد من طريق الربيع بن أنس عن أبي العالية.
(٨) كذا في (حم) و (ح)، وفي الأصل بياض.
(٩) تقدم تخريجه في تفسير سورة إبراهيم آية ٢٧.