للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

شقيق، عن عائشة أنها سمعت رسول الله يقرأ ﴿فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ﴾ برفع الراء (١)، وكذا رواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث هارون، وهو ابن موسى الأعور به، وقال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديثه (٢). وهذه القراءة هي قراءة يعقوب وحده وخالفه الباقون فقرءوا ﴿فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ﴾ بفتح الراء.

وقال الإمام أحمد: حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل أنه سمع [ذَرَّة] (٣) بنت معاذ تحدث عن أم هانئ، أنها سألت رسول الله : أنتزاور إذا متنا ويرى بعضنا بعضًا؟ فقال رسول الله : "يكون النسم طيرًا يعلق بالشجر حتى إذا كان يوم القيامة دخلت كل نفس في جسدها" (٤). هذا الحديث فيه بشارة لكل مؤمن، ومعنى يعلق يأكل، ويشهد له بالصحة أيضًا ما رواه الإمام أحمد، عن الإمام محمد بن إدريس الشافعي، عن الإمام مالك بن أنس، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبي، عن رسول الله قال: "إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه" (٥). وهذا إسناد عظيم ومتن قويم.

وفي الصحيح أن رسول الله قال: "إن أرواح الشهداء في حواصل طيور خضر تسرح في رياض الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش" الحديث (٦).

وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا همام، حدثنا عطاء بن السائب قال: كان أول يوم عرفت فيه عبد الرحمن بن أبي ليلى رأيت شيخًا أبيض الرأس واللحية على حمار، وهو يتبع جنازة فسمعته يقول: حدثني فلان بن فلان سمع رسول الله يقول: "من أحبَّ لقاء الله أحبَّ الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه" قال: فأكبَّ القوم يبكون، فقال: "ما يبكيكم؟ " فقالوا: إنا نكره الموت، قال: "ليس ذاك ولكنه إذا احتضر ﴿فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (٨٩)﴾ " فإذا بُشر بذلك أحبَّ لقاء الله ﷿، والله ﷿ للقائه أحبّ ﴿وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (٩٢) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (٩٣) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (٩٤)﴾، فإذا بُشر بذلك كرِه لقاء الله والله تعالى للقائه أكره" (٧)، هكذا رواه الإمام أحمد، وفي الصحيح عن عائشة شاهد لمعناه (٨).

وقوله تعالى: ﴿وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩٠)﴾ أي: وأما إذا كان المحتضر من أصحاب اليمين

﴿فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩١)﴾ أي: تبشرهم الملائكة بذلك تقول


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٤٠/ ٤١٠ ح ٢٤٣٥٢) وصحح سنده محققوه. والقراءة متواترة.
(٢) سنن أبي داود، الحروف والقراءات (ح ٣٩٩١)، وسنن الترمذي، أبواب القراءات (ح ٣١١٩) وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي بعد (ح ٢٣٤٠).
(٣) كذا بالذال كما في المسند وترجمتها في الإكمال وتعجيل المنفعة، وفي الأصول الخطية بالدال: "دره".
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٤٥/ ٣٨٣ ح ٢٧٣٨٧) وقال محققوه: صحيح لغيره. ولو قالوا: حسن لغيره لكان أضبط، ويشهد له ما يليه.
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٢٥/ ٥٨ ح ١٥٧٧٨) وصحح سنده محققوه، ومن قبلهم الحافظ ابن كثير.
(٦) صحيح مسلم، الإمارة، باب بيان أن أرواح الشهداء في الجنة (ح ١٨٨٧).
(٧) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٠/ ٢١٦ ح ١٨٢٨٣) وحسن سنده محققوه.
(٨) صحيح مسلم، الذكر والدعاء، باب من أحب الله أحب الله لقاءه (ح ٢٦٨٤).