للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رسول الله : "ثلاث لا يمنعن: الماء والكلأ والنار" (١) وله من حديث ابن عباس مرفوعًا مثل هذا وزيادة: وثمنه حرام، ولكن في إسناده عبد الله بن خراش بن حوشب وهو ضعيف، والله أعلم.

وقوله تعالى: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٧٤)﴾ أي: الذي بقدرته خلق هذه الأشياء المختلفة المتضادة: الماء الزُلال العذب البارد ولو شاء لجعله ملحًا أجاجًا كالبحار المغرقة، وخلق النار المحرقة وجعل ذلك مصلحة للعباد، وجعل هذه منفعة لهم في معاش دنياهم وزاجرًا لهم في المعاد (٢).

﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٨٠) أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (٨١) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢)﴾.

قال جويبر، عن الضحاك: إن الله تعالى لا يقسم بشيء من خلقه ولكنه استفتاح يستفتح به كلامه (٣)، وهذا القول ضعيف، والذي عليه الجمهور أنه قسم من الله يقسم بما شاء من خلقه، وهو دليل على عظمته، ثم قال بعض المفسرين: لا ههنا زائدة وتقديره أقسم بمواقع النجوم، ورواه ابن جرير عن سعيد بن جبير (٤). ويكون جوابه ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧)﴾.

وقال آخرون: ليست لا زائدة لا معنى لها بل يؤتى بها في أول القسم إذا كان مقسمًا به على منفي كقول عائشة : لا والله ما مست يد رسول الله يد امرأة قط (٥)، وهكذا ههنا تقدير الكلام: لا أقسم بمواقع النجوم، ليس الأمر كما زعمتم في القرآن أنه سحر أو كهانة بل هو قرآن كريم.

وقال ابن جرير: وقال بعض أهل العربية: معنى قوله: ﴿فَلَا أُقْسِمُ﴾ فليس الأمر كما تقولون ثم استأنف القسم بعد ذلك فقيل: أُقسم (٦). واختلفوا في معنى قوله: ﴿بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾ فقال حكيم بن جبير: عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: يعني: نجوم القرآن فإنه نزل جملة ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا، ثم نزل مفرقًا في السنين بعد. ثم قرأ ابن عباس هذه الآية (٧).

وقال الضحاك، عن ابن عباس: نزل القرآن جملة من عند الله من اللوح المحفوظ إلى السفرة


(١) سنن ابن ماجه، الرهون باب المسلمون شركاء في ثلاث (ح ٢٤٧٣) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (ح ٢٠٠٥).
(٢) المصدر السابق (ح ٢٤٧٢) وصححه الألباني دون قوله: وثمنه حرام صحيح سنن ابن ماجه (ح ٢٠٠٤).
(٣) سنده ضعيف جدًا لأن جويبر متروك كما في التقريب.
(٤) أخرجه الطبري بسند فيه ابن حميد وهو محمد بن حميد الرازي وهو ضعيف، ولفظه: أُقسم.
(٥) أخرجه البخاري (الصحيح، الشروط، باب ما يجوز من الشروط في الإسلام ح ٢٧١٣).
(٦) ذكره الطبري بلفظه.
(٧) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري كلاهما من طريق حكيم بن جبير به وسنده ضعيف لضعف حكيم (التقريب ص ١٧٦) ويتقوى برواية عكرمة عن ابن عباس المتقدمة في تفسير سورة الإسراء آية ١٠٦.