للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

به (١). وفي لفظ "والذي نفسي بيده لقد فضلت عليها بتسعة وستين جزءًا كلهن مثل حرها" (٢).

وقد قال أبو القاسم الطبراني: حدثنا أحمد بن عمرو الخلال، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، حدثنا معن بن عيسى القزار، عن مالك، عن عمه أبي السهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "أتدرون ما مثل ناركم هذه من نار جهنم؟ لهي أشد سوادًا من ناركم هذه بسبعين ضعفًا" (٣).

قال الضياء المقدسي: وقد رواه ابن مصعب، عن مالك، ولم يرفعه وهو عندي على شرط الصحيح.

وقوله تعالى: ﴿وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ﴾ قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك والنضر بن عربي: يعني بالمقوين: المسافرين (٤)، واختاره ابن جرير وقال: ومنه قولهم أقوت الدار إذا رحل أهلها.

وقال غيره: القي والقواء: القفر الخالي البعيد من العمران.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: المقوي ههنا الجائع (٥).

وقال ليث بن أبي سليم، عن مجاهد: ﴿وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ﴾، للحاضر والمسافر لكل طعام لا يصلحه إلا النار (٦)، وكذا روى سفيان، عن جابر الجعفي، عن مجاهد (٧).

وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهد: قوله: ﴿لِلْمُقْوِينَ﴾ يعني: المستمتعين من الناس أجمعين (٨)، وكذا ذكر عن عكرمة، وهذا التفسير أعمُّ من غيره، فإن الحاضر والبادي من غني وفقير الجميع محتاجون إليها للطبخ والاصطلاء والإضاءة وغير ذلك من المنافع، ثم من لطف الله تعالى أن أودعها في الأحجار وخالص الحديد بحيث يتمكن المسافر من حمل ذلك في متاعه وبين ثيابه، فإذا احتاج إلى ذلك في منزله أخرج زنده وأورى وأوقد ناره فأطبخ بها واصطلى بها واشتوى، واستأنس بها وانتفع بها سائر الانتفاعات، لهذا أفرد المسافرين وإن كان ذلك عامًا في حق الناس كلهم! وقد يستدل له بما رواه الإمام أحمد وأبو داود من حديث أبي خداش حبان بن زيد الشرعي الشامي، عن رجل من المهاجرين من قرن أن رسول الله قال: "المسلمون شركاء في ثلاثة: النار والكلأ والماء" (٩). وروى ابن ماجه بإسناد جيد عن أبي هريرة قال: قال


(١) صحيح البخاري، بدء الخلق، باب صفة النار وأنها مخلوقة (ح ٣٢٦٥) وصحيح مسلم، الجنة وصفة نعيمها، باب في شدة حر جهنم بعد (ح ٢٨٤٣).
(٢) المصدر السابق (٢٨٤٣).
(٣) أخرجه الطبراني بسنده ومتنه (المعجم الأوسط ١/ ٣٠٠ ح ٤٨٩) ويشهد له ما سبق في رواية مالك والشيخين، وقال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد ١٠/ ٣٨٧).
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة، وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
(٦) في سنده ليث فيه مقال ويخالف ما صح عن مجاهد.
(٧) أخرجه الطبري من طريق سفيان به، وسنده ضعيف لضعف جابر وهو ابن يزيد الجعفي.
(٨) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٩) (المسند ٥/ ٣٦٤) وسنن أبي داود، البيوع، باب في منع الماء (ح ٣٤٧٧) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٢٩٦٨).