للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال ابن عباس: ﴿الْحِنْثِ الْعَظِيمِ﴾: الشرك (١). وكذا قال مجاهد وعكرمة والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم (٢).

وقال الشعبي: هو اليمين الغموس (٣)

﴿وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (٤٨)﴾ يعني: أنهم يقولون ذلك مكذبين به مستبعدين لوقوعه، قال الله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠)﴾ أي: أخبرهم يا محمد أن الأولين والآخرين من بني آدم سيجمعون إلى عرصات القيامة لا يغادر منهم أحدًا، كما قال تعالى: ﴿ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (١٠٣) وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (١٠٤) يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (١٠٥)[هود] ولهذا قال ههنا: ﴿لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠)﴾ أي: هو موقت بوقت محدود، لا يتقدم ولا يتأخر ولا يزيد ولا ينقص.

﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣)﴾ وذلك أنهم يُقبضون ويُسجرون حتى يأكلوا من شجر الزقوم حتى يملأوا منها بطونهم، ﴿فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥)﴾ وهي الإبل العطاش، واحدها أهيم والأنثى هيماء، ويقال: هائم وهائمة.

قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة: الهيم، الإبل العطاش الظماء (٤).

وعن عكرمة أنه قال: الهيم الإبل المراض تمص الماء مصًا ولا تروى (٥).

وقال السدي: ﴿الْهِيمِ﴾: داء يأخذ الإبل فلا تروى أبدًا حتى تموت، فكذلك أهل جهنم لا يروون من الحميم أبدًا.

وعن خالد بن معدان أنه كان يكره أن يشرب شرب الهيم غبة واحدة من غير أن يتنفس ثلاثًا.

ثم قال تعالى: ﴿هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (٥٦)﴾ أي: هذا الذي وصفنا هو ضيافتهم عند ربهم يوم حسابهم، كما قال تعالى في حق المؤمنين: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (١٠٧)[الكهف]، أي: ضيافة وكرامة.

﴿نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ (٥٧) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (٥٨) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (٥٩) نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٦٠) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (٦١) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ (٦٢)﴾.

يقول تعالى مقررًا للمعاد، ورادًّا على المكذبين به من أهل الزيغ، والإلحاد من الذين قالوا:


(١) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك. وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، وأخرجه آدم والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بلفظ: "الذنب" وكذا أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد بلفظ: "الذنب العظيم".
(٣) عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد عن الشعبي بلفظ: "الكبائر".
(٤) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس. وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة. وأخرجه الطبري بأسانيد يقوي بعضها بعضًا عن عكرمة، وأخرجه آدم وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بلفظ: "الإبل الهيم".
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عمران بن حدير عن عكرمة.