للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أصحاب النبي فنزل ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠)[الواقعة] فقال النبي : "إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة ثلث أهل الجنة، بل أنتم نصف أهل الجنة أو شطر أهل الجنة وتقاسمونهم النصف الثاني" (١). ورواه الإمام أحمد، عن أسود بن عامر، عن شريك، عن محمد بياع الملاء، عن أبيه، عن أبي هريرة … فذكره (٢).

وقد روي من حديث جابر نحو هذا، ورواه الحافظ ابن عساكر من طريق هشام بن عمارة، حدثنا عبد ربه بن صالح، عن عروة بن رويم، عن جابر بن عبد الله، عن النبي : لما نزلت ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (١)[الواقعة] " ذكر فيها " ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤)" قال عمر: يا رسول الله ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣)﴾ وقليل منا؟ [قال: فأمسك] (٣) آخر السورة سنة ثم نزل: ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠)[الواقعة] فقال رسول الله : "يا عمر تعال فاسمع ما قد أنزل الله: ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠)[الواقعة] ألا وإن من آدم إلي ثلة وأُمتي ثلة، ولن نستكمل ثلتنا حتى نستعين بالسودان من رعاة الإبل ممن شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له" (٤) هكذا أورده في ترجمة عروة بن رويم إسنادًا ومتنًا، ولكن في إسناده نظر، وقد وردت طرق كثيرة متعددة بقوله : "إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة" (٥) الحديث بتمامه وهو مفرد في صفة الجنة، ولله الحمد والمنة.

وهذا الذي اختاره ابن جرير ههنا فيه نظر بل هو قول ضعيف؛ لأن هذه الأمة هي خير الأمم بنصِّ القرآن، فيبعد أن يكون المقربون في غيرها أكثر منها، اللَّهمَّ إلا أن يقابل مجموع الأمم بهذه الأمة، والظاهر أن المقربين من هؤلاء أكثر من سائر الأمم والله أعلم.

فالقول الثاني في هذا المقام هو الراجح، وهو أن يكون المراد بقوله تعالى: ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣)﴾ أي: من صدر هذه الأمة ﴿وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤)﴾ أي: من هذه الأمة.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، حدثنا عفان، حدثنا عبد الله بن بكر المزني، سمعت الحسن أتى على هذه الآية ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١)﴾ فقال: أما السابقون فقد مَضَوا ولكن اللَّهم اجعلنا من أصحاب اليمين (٦).

ثم قال: حدثنا أبي، حدثنا أبو الوليد، حدثنا السري بن يحيى قال: قرأ الحسن ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣)﴾ قال ثلة ممن مضى من هذه الأمة (٧). وحدثنا أبي، حدثنا عبد العزيز بن المغيرة المنقري، حدثنا أبو هلال، عن محمد بن سيرين أنه قال في هذه الآية ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤)﴾ قال: كانوا يقولون أو


(١) سنده ضعيف لجهالة والد محمد بن عبد الرحمن وهو عبد الرحمن بن خالد بن ميسرة. وشريك هو ابن عبد الله النخعي صدوق سيء الحفظ.
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ١٥/ ٣٨ ح ٩٠٨٠) وقال محققوه: حسن لغيره وهذا إسناد ضعيف.
(٣) زيادة من (حم) و (ح)، وفي الأصل بياض.
(٤) تاريخ دمشق ١١/ ل ٢٧٩، وسنده ضعيف لانقطاعه بين عروة بن رويم وجابر لأنه لم يسمع منه.
(٥) صحيح البخاري، أحاديث الأنبياء، باب قصة يأجوج ومأجوج (ح ٣٣٤٨).
(٦) سنده حسن.
(٧) سنده حسن.