للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعيد من الله تعالى للعباد وليس بالله شغل وهو فارغ (١)، وكذا قال الضحاك: هذا وعيد (٢).

وقال قتادة: قد دنا من الله فراغ لخلقه (٣).

وقال ابن جريج: ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ﴾ أي: سنقضي لكم.

وقال البخاري: سنحاسبكم لا يشغله شيء عن شيء، وهو معروف في كلام العرب، يقال: لأتفرغنَّ لك وما به شغل، يقول: لآخذنَّك على غرتك (٤).

وقوله تعالى: ﴿أَيُّهَ الثَّقَلَانِ﴾ الثقلان: الإنس والجن كما جاء في الصحيح: "ويسمعها كل شيء إلا الثقلين" (٥) وفي رواية "إلا الإنس والجن".

وفي حديث [الصور "الثقلان: الإنس والجن" (٦)] (٧) ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٣٢)﴾.

ثم قال تعالى: ﴿يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (٣٣)﴾ أي: لا تستطيعون هربًا من أمر الله وقدره بل هو محيط بكم، لا تقدرون على التخلص من حكمه ولا النفوذ عن حكمه فيكم، أينما ذهبتم أحيط بكم، وهذا في مقام الحشر، الملائكة محدقة بالخلائق سبع صفوف من كل جانب فلا يقدر أحد على الذهاب ﴿إِلَّا بِسُلْطَانٍ﴾ أي: إلا بأمر الله ﴿يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (١٠) كَلَّا لَا وَزَرَ (١١) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (١٢)[القيامة]. وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٧)[يونس: ٢٧] ولهذا قال تعالى: ﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ (٣٥)﴾ قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس الشواظ: هو لهب النار (٨).

وقال سعيد بن جبير، عن ابن عباس: الشواظ: الدخان.

وقال مجاهد: هو اللهب الأخضر المنقطع (٩).

وقال أبو صالح: الشواظ: هو اللهب الذي فوق النار ودون الدخان.

وقال الضحاك: ﴿شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ﴾ سيل من نار.

وقوله تعالى: ﴿وَنُحَاسٌ﴾ قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿وَنُحَاسٌ﴾ دخان النار (١٠)، وروي مثله عن أبي صالح وسعيد بن جبير وأبي سنان (١١).


(١) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق جويبر عن الضحاك ويتقوى بسابقه.
(٣) أخرجه عبد الرزاق والطبري بسند صحيح من طريق معمر عن قتادة.
(٤) ذكره البخاري وقال الحافظ ابن حجر: وهو كلام أبي عبيدة أخرجه ابن المنذر من طريقه (فتح الباري ٨/ ٦٢٣).
(٥) أخرجه البخاري (الصحيح، الجنائز، باب الميت يسمع قرع النعال ح ١٣٣٨).
(٦) تقدم تخريج حديث الصور في تفسير سورة الأنعام آية ٧٣.
(٧) زيادة من (ح) و (حم).
(٨) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٩) أخرجه الحافظ ابن حجر بسند حسن من طريق منصور عن مجاهد. (تغليق التعليق ٣/ ٥١٠).
(١٠) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(١١) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق جعفر، وهو ابن المغيرة، عن سعيد بن جبير.