للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن جرير: والعرب تسمي الدخان: نحاسًا، بضم النون وكسرها، والقراء مجمعة على الضم، ومن النحاس بمعنى الدخان قول نابغة جعدة:

يضيء كضوء سراج السليط … لم يجعل الله فيه نحاسًا (١)

يعني: دخانًا (٢) هكذا قال:

وقد روى الطبراني من طريق جويبر، عن الضحاك أن نافع بن الأرزق سأل ابن عباس عن الشواظ فقال: هو اللهب الذي لا دخان معه، فسأله شاهدًا على ذلك من اللغة، فأنشده قول أُمية بن أبي الصلت في حسان:

ألا من مبلغ حسان عني … مغلغلة تدب إلى عكاظ

أليس أبوك فينا كان قينًا … إلى القينات فَسلًا في الحفاظ

يمانيًا يظل يشب كيرًا … وينفخ دائبًا لهب الشواظ

قال: صدقت، فما النحاس؟ قال: هو الدخان الذي لا لهب له، قال: فهل تعرفه العرب؟ قال: نعم، أما سمعت نابغة بني ذبيان يقول:

يضيء كضوء سراج السليط … لم يجعل الله فيه نحاسًا (٣)

وقال مجاهد: النحاس الصُّفر يذاب فيصب على رؤوسهم (٤)، وكذا قال قتادة (٥).

وقال الضحاك: ونحاس سيل من نحاس، والمعنى على كل قول: لو ذهبتم هاربين يوم القيامة لردتكم الملائكة والزبانية بإرسال اللهب من النار، والنحاس المذاب عليكم لترجعوا، ولهذا قال: ﴿فَلَا تَنْتَصِرَانِ (٣٥) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٣٦)﴾.

﴿فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (٣٧) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٣٨) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (٣٩) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٠) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (٤١) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٢) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (٤٣) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (٤٤) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٥)﴾.

يقول تعالى: ﴿فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ﴾ يوم القيامة كما دلَّت عليه هذه الآيات مع ما شاكلها من الآيات الواردة في معناها كقوله تعالى: ﴿وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (١٦)[الحاقة].

وقوله: ﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (٢٥)[الفرقان] وقوله: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (٢)[الانشقاق] وقوله تعالى: ﴿فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ﴾ أي: تذوب كما يذوب الدردي والفضة في السبك، وتتلون كما تتلون الأصباغ التي يدهن بها، فتارة حمراء


(١) ديوان النابغة الجعدي ص ٨١.
(٢) ذكره الطبري.
(٣) أخرجه الطبراني من طريق جويبر به (المعجم الكبير ١٠/ ٣٠٥) وسنده ضعيف لضعف جويبر.
(٤) أخرجه هناد بسند صحيح من طريق منصور عن مجاهد (الزهد ٢٧١)، وأخرجه الطبري بعدة أسانيد يقوي بعضها بعضًا.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.