للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (٥٣)[الفرقان] وقد اختار ابن جرير ههنا أن المراد بالبحرين: بحر السماء وبحر الأرض، وهو مروي عن مجاهد وسعيد بن جبير وعطية وابن أبزى (١)، قال ابن جرير: لأن اللؤلؤ يتولد من ماء السماء وأصداف بحر الأرض (٢)، وهذا وإن كان هكذا لكن ليس المراد بذلك ما ذهب إليه، فإنه لا يساعده اللفظ فإنه تعالى قد قال: ﴿بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (٢٠)﴾ أي: وجعل بينهما برزخًا، وهو الحاجز من الأرض لئلا يبغي هذا على هذا، وهذا على هذا، فيفسد كل واحد منهما الآخر ويزيله عن صفته التي هي مقصودة منه، وما بين السماء والأرض لا يسمى برزخًا وحجرًا محجورًا.

وقوله تعالى: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (٢٢)﴾ أي: من مجموعهما، فإذا وجد ذلك من أحدهما كفى كما قال تعالى: ﴿يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ﴾ [الأنعام: ١٣٠] والرسل إنما كانوا في الإنس خاصة دون الجن وقد صحَّ هذا الإطلاق. واللؤلؤ معروف، وأما المرجان فقيل هو صغار اللؤلؤ، قاله مجاهد وقتادة وأبو رزين والضحاك وروي عن علي (٣).

وقيل: كباره وجيده (٤)، حكاه ابن جرير، عن بعض السلف ورواه ابن أبي حاتم، عن الربيع بن أنس، وحكاه السدي عمَّن حدثه عن ابن عباس (٥)، وروي مثله عن علي ومجاهد أيضًا [ومرة] (٦) الهمداني (٧).

وقيل: هو نوع من الجواهر أحمر اللون.

قال السدي، عن أبي مالك، عن مسروق، عن عبد الله قال: المرجان الخرز الأحمر.

قال السدي: وهو الكسد بالفارسية، وأما قوله: ﴿وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا﴾ [فاطر: ١٢] فاللحم من كل من الأجاج والعذب والحلية إنما هي من المالح دون العذب.

قال ابن عباس: ما سقطت قط قطرة من السماء في البحر فوقعت في صدفة إلا صار منها اللؤلؤ (٨)، وكذا قال عكرمة، وزاد: فإذا لم تقع في صدفة نبتت بها عنبرة (٩)، وروي من غير وجه عن ابن عباس نحوه (١٠).


(١) أخرجه الطبري عن مجاهد وابن أبزى وفي سنديهما ابن حميد وهو محمد بن حميد الرازي وهو ضعيف، وأخرجه الطبري بسند حسن من طريق جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير.
(٢) ذكره الطبري بنحوه.
(٣) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد.
(٤) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق موسى بن أبي عائشة عن مُرة بلفظ: "المرجان جيد اللؤلؤ".
(٥) سنده ضعيف لجهالة شيخ السدي.
(٦) زيادة من (حم) و (ح)، وفي الأصل: "بياض".
(٧) تقدم قبل الرواية السابقة.
(٨) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس.
(٩) أخرجه الطبري بسند فيه محمد بن سليمان الكوفي صدوق يخطئ (التقريب ص ٤٨٠).
(١٠) أخرجه الطبري بعدة أسانيد يقوي بعضها بعضًا بنحو رواية ابن عباس المتقدمة.