للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الترمذي: حسن صحيح (١).

ومعنى الآية أنه خلق العباد ليعبدوه وحده لا شريك له فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب. وأخبر أنه غير محتاج إليهم بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم. فهو خالقهم ورازقهم.

قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن عبد الله، حدثنا عمران - يعني ابن زائدة بن نشيط، عن أبيه، عن أبي خالد - هو الوالبي - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "قال الله تعالى (٢): يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك، وإلا تفعل ملأت صدرك شغلًا ولم أسد فقرك". ورواه الترمذي وابن ماجه من حديث عمران بن زائدة، وقال الترمذي: حسن غريب (٣).

وقد روى الإمام أحمد، عن وكيع وأبي معاوية، عن الأعمش، عن سلام بن شرحبيل: سمعت حبة وَسَواء ابني خالد يقولان: أتينا رسول الله وهو يعمل عملًا أو يبني بناء، قال أبو معاوية: يصلح شيئًا، فأعناه عليه فلما فرغ دعا لنا وقال: "لا تيأسا من الرزق ما تهزهزت رؤوسكما فإن الإنسان تلده أمه أحمر ليس عليه قشرة ثم يعطيه الله ويرزقه" (٤).

وقد ورد في بعض الكتب الإلهية: يقول الله تعالى: ابن آدم خلقتك لعبادتي فلا تلعب، وتكفلت برزقك فلا تتعب فاطلبني تجدني فإن وجدتني وجدت كل شيء وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء.

وقوله تعالى: ﴿فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا﴾ أي: نصيبًا من العذاب ﴿مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ﴾ أي: فلا يستعجلون ذلك فإنه واقع لا محالة ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٦٠)﴾ يعني يوم القيامة.

آخر تفسير سورة الذاريات، والحمد لله وحده، وصلواته وسلامه على خير خلقه.


(١) سنن أبي داود، الحروف والقراءات (ح ٣٩٩٣)، وسنن الترمذي، القراءات، باب ومن سورة الذاريات (ح ٢٩٤١) والسنن الكبرى للنسائي، التفسير (ح ١١٥٢٧)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (ح ٢٣٤٣).
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ١٤/ ٣٢١ ح ٨٦٩٦) وقال محققوه: إسناده محتمل للتحسين. وأخرجه الحاكم من طريق محمد بن عبد الله به وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٤٤٣).
(٣) سنن الترمذي، صفة القيامة، باب من كانت الآخرة همه جاءته الدنيا راغمة (ح ٢٤٦٨)، وسنن ابن ماجه، الزهد، باب الهم بالدنيا (ح ٤١٠٧) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (ح ٣٣١٥).
(٤) أخرجه الإمام بسنده ومتنه (المسند ٢٥/ ١٨٧ ح ١٥٨٥٦) وضعف سنده محققوه.