للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٦٣)[يس] ﴿وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (٥٩)﴾ فيتميز الناس ويجثون، وهي التي يقول الله تعالى: ﴿وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨)[الجاثية] " (١).

﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٦٣) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٦٤) الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٦٥) وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (٦٦) وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (٦٧)﴾.

يقال للكفرة من بني آدم يوم القيامة وقد برزت الجحيم لهم تقريعًا وتوبيخًا: ﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٦٣)﴾ أي: هذه التي حذرتكم الرسل، فكذبتموهم ﴿اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٦٤)﴾ كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (١٤) أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (١٥)[الطور].

وقوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٦٥)﴾ هذا حال الكفار والمنافقين يوم القيامة حين ينكرون ما اجترحوه في الدنيا، ويحلفون ما فعلوه، فيختم الله على أفواههم ويستنطق جوارحهم بما عملت.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو شيبة إبراهيم بن عبد الله بن أبي شيبة، حدثنا منجاب بن الحارث التميمي، حدثنا أبو عامر الأزدي، حدثنا سفيان، عن عبيد المكتب، عن الفضيل بن عمرو، عن الشعبي، عن أنس بن مالك قال: كنا عند النبي ، فضحك حتى بدت نواجذه، ثم قال : "أتدرون ممّ أضحك؟ " قلنا: الله ورسوله أعلم، قال : "من مجادلة العبد ربه يوم القيامة، يقول: ربّ ألم تجرني من الظلم؟ فيقول: بلى، فيقول: لا أجيز علي إلا شاهدًا من نفسي، فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا، والكرام الكاتبين شهودًا، فيختم على فيه، ويقال لأركانه: انطقي فتنطق بعمله، ثم يخلى بينه وبين الكلام، فيقول: بُعدًا لَكُنَّ وسُحقًا، فعنكنَّ كنت أُناضل" (٢). وقد رواه مسلم والنسائي، كلاهما عن أبي بكر بن أبي النضر، عن أبي النضر، عن عبيد الله بن عبد الرحمن الأشجعي، عن سفيان هو الثوري به. ثم قال النسائي: [لا أعلم أحدًا روى هذا الحديث عن سفيان غير الأشجعي (٣)، وهو حديث غريب، والله تعالى أعلم، كذا قال: وقد تقدم من رواية أبي عامر عبد الملك بن عمرو الأسدي وهو: العقدي، عن سفيان (٤).

وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، عن النبي ، قال:


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لإبهام شيخ إسماعيل بن رافع.
(٢) سنده حسن، وأخرجه مسلم كما سيأتي.
(٣) صحيح مسلم، الزهد والرقائق (ح ٢٩٦٩)، والسنن الكبرى، التفسير (ح ١١٦٥٣).
(٤) أي: تقدم في رواية ابن أبي حاتم، وهذا استدراك جيد.