للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

"إنكم تدعون مقدمًا على أفواهكم بالفدام (١)، فأول ما يسأل عن أحدكم فخذه وكتفه"، رواه النسائي] (٢)، عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق به (٣)، وقال سفيان بن عيينة: عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة ، عن رسول الله في حديث القيامة الطويل، قال فيه: "ثم يلقى الثالث فيقول: ما أنتَ؟ فيقول: أنا عبدك آمنت بك وبنبيك وبكتابك، وصمت وصلَّيت وتصدقت، ويثني بخير ما استطاع، قال: فيقال له: ألا نبعث عليك شاهدنا؟ قال: فيفكر في نفسه من الذي يشهد عليه، فيختم على فيه ويقال لفخذه: انطقي، قال: فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بما كان يعمل وذلك المنافق، وذلك ليعُذر من نفسه، وذلك الذي سخط الله تعالى عليه" ورواه مسلم وأبو داود من حديث سفيان بن عيينة به بطوله (٤).

ثم قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا إسماعيل بن عياش، حدثنا ضمضم بن زرعة، عن شُريح بن عبيد، عن عُقبة بن عامر أنه سمع رسول الله يقول: "إن أول عظم من الإنسان يتكلم يوم يختم على الأفواه، فخذه من الرجل اليسرى" (٥) وروى ابن جرير، عن محمد بن عوف، عن عبد الله بن المبارك، عن إسماعيل بن عياش به مثله (٦). وقد جوَّد إسناده الإمام أحمد ، فقال: حدثنا الحكم بن نافع، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن ضمضم بن زرعة، عن شُريح بن عُبيد الحضرمي، عمَّن حدثه، عن عقبة بن عامر أنه سمع رسول الله يقول: "إن أول عظم من الإنسان يتكلم يوم يختم على الأفواه فخذه من الرجل الشمال" (٧).

وقال ابن جرير: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن علية، حدثنا يونس بن عبيد، عن حميد بن هلال قال: قال أبو بردة: قال أبو موسى هو الأشعري : يدعى المؤمن للحساب يوم القيامة، فيعرض عليه ربه عمله فيما بينه وبينه، فيعترف فيقول: نعم أي رب عملت عملت عملت، قال: فيغفر الله تعالى له ذنوبه ويستره منها، قال: فما على الأرض خليقة ترى من تلك الذنوب شيئًا وتبدو حسناته، فود أن الناس كلهم يرونها، ويدعى الكافر والمنافق للحساب، فيعرض عليه ربه عمله فيجحد ويقول: أي ربِّ وعزّتك لقد كَتب علي هذا الملك ما لم أعمل، فيقول له الملك: أما عملت كذا يوم كذا في مكان كذا؟ فيقول: لا وعزتك أي ربِّ ما عملته، فإذا فعل ذلك ختم الله على فيه، قال أبو موسى الأشعري : فإني أحسب أول ما ينطق منه الفخذ اليمنى، ثم تلا: ﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ


(١) الفدام: ما يشدُ على فم الأبريق لتصفية الشراب الذي فيه.
(٢) زيادة من (حم) و (مح).
(٣) السنن الكبرى، التفسير، (ح ١١٤٦٩) وسنده حسن.
(٤) صحيح مسلم، الزهد والرقائق (ح ٢٩٦٨)، وسنن أبي داود، السنة، باب في الرؤية (ح ٤٧٣٠).
(٥) في سنده ضمضم بن زرعة صدوق يهم، ومدار الحديث متوقف عليه، وفيه مخالفة لرواية الثقات التالية من قول ابن موسى الأشعري إذ ورد فيه أن الفخد الأيمن هو الذي يشهد.
(٦) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وحكمه كسابقه.
(٧) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٢٨/ ٦٠٢ ح ١٧٣٧٤)، وقال محققوه: حسن لغيره. اهـ. ولعله بالشواهد وإلا فيه ضمضم، وكذلك إبهام شيخ شريح بن عُبيد، ويشهد لأغلبه الرواية التالية.