للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: الماء الغزير، فيكون من باب إضافة الاسم إلى صفته مثل مسجد الجامع وسعيد كرز، حكى ذلك السهيلي (١).

وذكر غير واحد منهم ابن عباس ووهب بن منبه وقتادة والضحاك: إن الله ﷿ لما أراد عقوبتهم بإرسال العرم عليهم، بعث على السد دابة من الأرض يقال لها: الجرذ نقبته (٢).

قال وهب بن منبه: وقد كانوا يجدون في كتبهم أن سبب خراب هذا السد هو الجرذ فكانوا يرصدون عنده السنانير برهة من الزمن فلما جاء القدر غلبت الفأر السنانير، وولجت إلى السد فنقبته فانهار عليهم (٣).

وقال قتادة وغيره: الجرذ هو الخلد، نقبت أسافله حتى إذا ضعف ووهى (٤)، وجاءت أيام السيول صدم الماء البناء فسقط، فانساب الماء في أسفل الوادي وخرب ما بين يديه من الأبنية والأشجار وغير ذلك، ونضب الماء عن الأشجار التي في الجبلين عن يمين وشمال، فيبست وتحطمت وتبدلت تلك الأشجار المثمرة الأنيقة النضرة، كما قال الله : ﴿وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ﴾.

قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وعطاء الخراساني والحسن وقتادة والسدي: وهو الأراك (٥) وأُكُلهُ البرير (٦) (٧).

﴿وَأَثْلٍ﴾ قال العوفي عن ابن عباس: هو الطرفاء (٨).

وقال غيره هو شجر يشبه الطرفاء، وقيل: هو السمر، والله أعلم.

وقوله: ﴿وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ﴾ لما كان أجود هذه الأشجار المبدل بها هو السدر قال: ﴿وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ﴾ فهذا الذي صار أمر تينك الجنتين إليه بعد الثمار النضيجة، والمناظر الحسنة، والظلال العميقة، والأنهار الجارية، تبدلت إلى شجر الأراك والطرفاء والسدر ذي الشوك الكثير والتمر القليل، وذلك بسبب كفرهم وشركهم بالله وتكذيبهم الحق وعدولهم عنه إلى الباطل، ولهذا قال تعالى: ﴿ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (١٧)﴾ أي: عاقبناهم بكفرهم.


(١) ذكره في الروض الأُنف ١/ ١٥.
(٢) قول ابن عباس أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عنه ويتقوى بالآثار التي تليه فقول وهب أخرجه الطبري من طريق ابن إسحاق عنه، وقول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عنه، وقول الضحاك أخرجه البستي بسند حسن من طريق عبيد بن سليمان عنه.
(٣) أخرجه الطبري بالسند المتقدم.
(٤) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.
(٥) قول ابن عباس أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عنه، وقول مجاهد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه، وقول عكرمة عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وقول الحسن أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق أبي رجاء عنه، وقول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عنه، وقول السدي عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
(٦) البرير: هو ثمر شجر الأراك.
(٧) أخرجه الطبري بالسند المتقدم بلفظ: "أُكلُهُ بريره".
(٨) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.