للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال مجاهد: ولا يعاقب إلا الكفور (١).

وقال الحسن البصري: صدق الله العظيم لا يعاقب بمثل فعله إلا الكفور.

وقال طاوس: لا يناقش إلا الكفور (٢).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا أبو عمر بن النحاس الرملي، حدثنا حجاج بن محمد، حدثنا أبو البيداء، عن هشام بن صالح التغلبي، عن ابن خيرة، وكان من أصحاب علي ، قال: جزاء المعصية الوهن في العبادة، والضيق في المعيشة، والتعسر في اللّذة، قيل: وما التعسر في اللّذة؟ قال: لا يصادف لذة حلال إلا جاءه من ينغصُه إياها (٣).

﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (١٨) فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (١٩)﴾.

يذكر تعالى ما كانوا فيه من النعمة والغبطة والعيش الهني الرغيد، والبلاد الرخية، والأماكن الآمنة، والقرى المتواصلة المتقاربة بعضها من بعض مع كثرة أشجارها، وزروعها وثمارها بحيث أن مسافرهم لا يحتاج إلى حمل زاد ولا ماء، بل حيث نزل وجد ماء وثمرًا، ويقيل في قرية ويبيت في أخرى بمقدار ما يحتاجون إليه في سيرهم، ولهذا قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا﴾.

قال وهب بن منبه: هي قرى بصنعاء، وكذا قال أبو مالك (٤).

وقال مجاهد والحسن وسعيد بن جبير ومالك، عن زيد بن أسلم وقتادة والضحاك والسدي وابن زيد وغيرهم؛ يعني: قرى الشام (٥)، يعنون أنهم كانوا يسيرون من اليمن إلى الشام في قرى ظاهرة متواصلة.

وقال العوفي، عن ابن عباس: القرى التي باركنا فيها بيت المقدس (٦)، وقال العوفي عنه أيضًا: هي قرى عربية بين المدينة والشام ﴿قُرًى ظَاهِرَةً﴾ أي: بينة واضحة يعرفها المسافرون يقيلون في واحدة ويبيتون في أخرى، ولهذا قال تعالى: ﴿وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ﴾ أي: جعلناها بحسب ما يحتاج المسافرون إليه ﴿سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ﴾ أي: الأمن حاصل لهم في سيرهم ليلًا ونهارًا

﴿فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ وقرأ آخرون: ﴿بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا﴾ (٧) وذلك أنهم بطروا


(١) أخرجه الطبري وآدم بن أبي إياس بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٢) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه.
(٣) لم أقف على ترجمة أبي البيداء.
(٤) أخرجه الطبري بسند جيد من طريق حصين، وهو ابن عبد الرحمن، عن أبي مالك.
(٥) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن بن زيد، وأخرجه البستي بسند حسن من طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك.
(٦) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.
(٧) وهي قراءة متواترة.