للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الإمام أحمد أيضًا وعبد بن حميد: حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا [أبو جناب يحيى بن أبي حية] (١) الكلبي، عن يحيى بن هانئ بن عروة، عن فروة بن مسيك قال: أتيت رسول الله فقلت: يا رسول الله أقاتل بمقبل قومي مدبرهم، قال رسول الله : "نعم فقاتل بمقبل قومك مدبرهم" فلما وليت دعاني فقال: "لا تقاتلهم حتى تدعوهم إلى الإسلام" فقلت: يا رسول الله أرأيت سبأ، وادٍ هو أو جبل أو ما هو؟ قال : "لا بل هو رجل من العرب، ولد له عشرة فتيا من ستة، وتشاءم أربعة، تيامن الأزد والأشعريون وحِميّر وكِندة ومذحج وأنمار، الذين يقال لهم بجيلة وخثعم، وتشاءم لخم وجذام وعاملة وغسان" (٢). وهذا أيضًا إسناد جيد وإن كان فيه أبو جناب الكلبي، وقد تكلموا فيه لكن رواه ابن جرير، عن أبي كريب، عن العنقري، عن أسباط بن نصر، عن يحيى بن هانئ المرادي، عن عمه أو عن أبيه - شك أسباط - قال: قدم فروة بن مسيك على رسول الله فذكره (٣).

طريق أخرى لهذا الحديث: قال ابن أبي حاتم: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، حدثنا ابن وهب، حدثني ابن لهيعة، عن توبة بن نمر، عن عبد العزيز بن يحيى أنه أخبره قال: كنا عند عبيدة بن عبد الرحمن بأفريقية، فقال يومًا: ما أظن قومًا بأرض إلا وهم من أهلها، فقال علي بن رباح: كلا قد حدثني فلان أن فروة بن مسيك الغطيفي قدم على رسول الله فقال: يا رسول الله إن سبأ قوم كان لهم عزُّ في الجاهلية، وإني أخشى أن يرتدوا عن الإسلام، أفأقاتلهم؟ فقال : "ما أمرت فيهم بشيء بعد" فأنزلت هذه الآية ﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ﴾ الآيات، فقال له رجل: يا رسول الله ما سبأ؟ فذكر مثل هذا الحديث الذي قبله أن رسول الله سئل عن سبأ ما هو: أبلد أم رجل أم امرأة؟ قال : "بل رجل ولد له عشرة، فسكن اليمن منهم ستة، والشام أربعة، أما اليمانيون فمذحج وكندة والأزد الأشعريون وأنمار وحِميّر غير ما حلها، وأما الشام فلخم وجذام وغسان وعاملة" (٤). فيه غرابة من حيث ذكر نزول الآية بالمدينة، والسورة مكية كلُّها، والله أعلم.

طريق أخرى: قال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا أبو أسامة، حدثنا الحسن بن الحكم، حدثنا أبو سبرة النخعي، عن فروة بن مسيك الغطيفي قال: قال رجل: يا رسول الله أخبرني عن سبأ ما هو: أرض أم امرأة؟ قال : "ليس بأرض ولا امرأة، ولكنه رجل ولد له عشرة من الولد، فتيامن ستة وتشاءم أربعة، فأما الذين تشاءموا فلخم وجذام وعاملة وغسان، وأما الذين تيامنوا فكندة والأشعريون والأزد ومِذحج وحمِيّر وأنمار" فقال رجل: ما أنمار؟ قال : "الذين


(١) كذا في (حم) والمسند، وفي الأصل: "أبو خباب بن أبي".
(٢) لم يرد في المسند، وقد ذكره الحافظ ابن حجر في أطراف المسند ٥/ ١٧٨. وجود سنده الحافظ ابن كثير بالمتابعة التالية الواردة في تفسير الطبري.
(٣) أخرجه الطبري عن أبي كريب به.
(٤) سنده ضعيف لإبهام شيخ علي بن رباح، ويتقوى إذ توبع في رواية الترمذي فأخرجه من طريق أبي سبرة النخعي عن فروة بن مسيك به وقال: حسن غريب (السنن، التفسير، باب ومن سورة سبأ ح ٣٢٢٢) وقال الألباني: حسن صحيح (صحيح سنن الترمذي، وأخرجه الحاكم من طريق سعيد بن أبيض عن فروة، وصححه ووافقه الذهبي). (المستدرك ٢/ ٤٢٤) وحسنه ابن عبد البر كما سيأتي بعد الرواية التالية.