للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المنكدر، عن أبيه، عن جابر قال: قال رسول الله : "قالت أُم سليمان بن داود ، لسليمان، يا بني لا تكثر النوم بالليل، فإن كثرة النوم بالليل تترك الرجل فقيرًا يوم القيامة" (١).

وروى ابن أبي حاتم، عن داود ههنا أثرًا غريبًا مطولًا جدًا وقال أيضًا: حدثنا أبي، حدثنا عمران بن موسى، حدثنا أبو زيد فيض بن إسحاق الرقي قال: قال فضيل في قوله تعالى: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾ قال داود: يا رب كيف أشكرك والشكر نعمة منك؟ قال: "الآن شكرتني حين قلت إن النعمة مني" (٢).

وقوله تعالى: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ إخبار عن الواقع.

﴿فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (١٤)﴾.

يذكر تعالى كيفية موت سليمان ، وكيف عمَّى الله موته على الجان المسخرين له في الأعمال الشاقة، فإنه مكث متوكئًا على عصاه، وهي منسأته، كما قال ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وغير واحد (٣)، مدة طويلة نحوًا من سنة، فلما أكلتها دابة الأرض، وهي الأرضة، ضعفت وسقطت إلى الأرض، وعلم أنه قد مات قبل ذلك بمدة طويلة. وتبينت الجن والإنس أيضًا أن الجن لا يعلمون الغيب كما كانوا يتوهمون ويوهمون الناس ذلك. وقد ورد في ذلك حديث مرفوع غريب وفي صحته نظر.

قال ابن جرير: حدثنا أحمد بن منصور، حدثنا موسى بن مسعود، حدثنا أبو حذيفة، حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن عطاء، عن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ، عن النبي قال: "كان نبي الله سليمان إذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه، فيقول لها: ما اسمك؟ فتقول كذا، فيقول: لأي شيء أنت؟ فإن كانت تغرس غرست، وإن كانت لدواء كتبت، فبينما هو يصلي ذات يوم إذ رأى شجرة بين يديه فقال لها: ما اسمك؟ قالت: الخروب، قال: لأي شيء أنت؟ قالت: لخراب هذا البيت، فقال سليمان : اللَّهم عمِّ على الجن موتي حتى يعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب، فنحتها عصًا فتوكأ عليها حولًا ميتًا والجن تعمل، فأكلتها الأرضة فتبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولًا في العذاب المهين" قال: وكان ابن عباس يقرؤها كذلك، قال: فشكرت الجن للأرضة، فكانت تأتيها بالماء (٤)، وهكذا رواه ابن أبي حاتم من حديث إبراهيم بن طهمان به. وفي رفعه غرابة ونكارة، والأقرب أن يكون موقوفًا، وعطاء بن أبي مسلم الخراساني له غرابات وفي بعض حديثه نكارة.


(١) أخرجه ابن ماجه بسنده ومتنه (السنن، إقامة الصلاة، باب ما جاء في قيام الليل ح ١٣٣٢)، وضعف سنده البوصيري (مصباح الزجاجة ١/ ٤٣٣) والخبر من الإسرائيليات.
(٢) سنده ضعيف لإرساله، والخبر من الإسرائيليات.
(٣) قول ابن عباس أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عنه، وقول مجاهد أخرجه الطبري وآدم بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه، وقول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح عن معمر عنه.
(٤) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وأعله الحافظ ابن كثير بعطاء الخراساني.