للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (٧٢) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٧٣)﴾.

قال العوفي، عن ابن عباس: يعني بالأمانة الطاعة وعرضها عليهم قبل أن يعرضها على آدم فلم يطقنها فقال لآدم: إني قد عرضت الأمانة على السماوات والأرض والجبال فلم يطقنها فهل أنت آخذ بما فيها؟ قال: يا ربِّ وما فيها؟ قال: إن أحسنت جزيت وإن أسأت عوقبت، فأخذها آدم فتحملها ذلك قوله تعالى: ﴿وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ (١).

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: الأمانة الفرائض، عرضها الله على السماوات والأرض والجبال إن أدوها أثابهم وإن ضيعوها عذبهم فكرهوا ذلك، وأشفقوا عليه من غير معصية، ولكن تعظيمًا لدين الله أن لا يقوموا بها ثم عرضها على آدم فقبلها بما فيها وهو قوله تعالى: ﴿وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ يعني غِرًّا بأمر الله (٢).

وقال ابن جرير: حدثنا ابن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا﴾ قال: عرضت على آدم، فقال: خذها بما فيها، فإن أطعت غفرت لك، وإن عصيت عذبتك، قال: قبلت فما كان إلا مقدار ما بين العصر إلى الليل من ذلك اليوم حتى أصاب الخطيئة (٣)، وقد روى الضحاك عن ابن عباس قريبًا من هذا (٤)، وفيه نظر وانقطاع بين الضحاك وبينه، والله أعلم. وهكذا قال مجاهد وسعيد بن جبير والضحاك والحسن البصري وغير واحد: إن الأمانة هي الفرائض (٥)، وقال آخرون: هي الطاعة (٦).

وقال الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق قال: قال أُبي بن كعب: من الأمانة أن المرأة أؤتمنت على فرجها (٧).

وقال قتادة: الأمانة الدين والفرائض والحدود (٨).

وقال بعضهم: الغسل من الجنابة.


(١) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به، ويتقوى بالروايتين التاليتين.
(٢) أخرجه الطبري وابن الأنباري (الأضداد ص ٣٨٩) بسند ثابت من طريق علي به.
(٣) أخرجه الطبري والبُستي بسنده ومتنه، وسنده صحيح، وأخرجه الحاكم من طريق شعبة به وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٤٢٢).
(٤) أخرجه البستي بسند حسن من طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك بدون ذكر ابن عباس ، ويتقوى بسابقه.
(٥) قول الضحاك تقدم في الرواية السابقة، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
(٦) أخرجه البستي بسند حسن من طريق عُبيد بن سليمان عن الضحاك.
(٧) أخرجه الطبري والحاكم من طريق الأعمش به وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٤٢٢).
(٨) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.