للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال: وجائز أن يكون هذا هو المراد بالأذى وجائز أن يكون الأول هو المراد فلا قول أولى من قول الله ﷿.

(قلت): يحتمل أن يكون الكل مرادًا وأن يكون معه غيره، والله أعلم.

قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله قال: قسم رسول الله ذات يوم قسمًا فقال رجل من الأنصار إن هذه القسمة ما أُريد بها وجه الله قال: فقلت: يا عدو الله أما لأخبرنَّ رسول الله بما قلت، فذكرت ذلك للنبي فاحمرَّ وجهه ثم قال: "رحمة الله على موسى لقد أُوذي بأكثر من هذا فصبر" (١). أخرجاه في الصحيحين من حديث سليمان بن مهران الأعمش به (٢).

طريق أخرى: قال الإمام أحمد: حدثنا حجاج، سمعت إسرائيل بن يونس، عن الوليد بن أبي هشام مولى الهمداني، عن زيد بن زائدة، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله لأصحابه: "لا يبلغني أحد عن أحد من أصحابي شيئًا فإني أُحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر" فأتى رسول الله مال فقسمه، قال: فمررت برجلين وأحدهما يقول لصاحبه والله ما أراد محمد بقسمته وجه الله ولا الدار الآخرة، قال: فتثبت حتى سمعت ما قالا ثم أتيت رسول الله فقلت: يا رسول الله إنك قلت لنا: "لا يبلغني أحد عن أصحابي شيئًا" وإني مررت بفلان وفلان وهما يقولان كذا وكذا، فاحمرَّ وجه رسول الله وشقَّ عليه ثم قال: "دعنا منك لقد أوذي موسى بأكثر من هذا فصبر" (٣).

وقد رواه أبو داود في الأدب عن محمد بن يحيى الذهلي، عن محمد بن يوسف الفريابي، عن إسرائيل، عن الوليد بن أبي هشام به مختصرًا: "لا يبلغني أحد من أصحابي عن أحد شيئًا إني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر" (٤). وكذا رواه الترمذي في المناقب عن الذهلي سواء إلا أنه قال زيد بن زائدة، ورواه أيضًا عن محمد بن إسماعيل، عن عبد الله بن محمد، عن عبيد الله بن موسى وحسين بن محمد كلاهما، عن إسرائيل، عن السدي، عن الوليد بن أبي هشام به مختصرًا أيضًا فزاد في إسناده السدي، ثم قال: غريب من هذا الوجه (٥).

وقوله تعالى: ﴿وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا﴾ أي: له وجاهة وجاه عند ربه ﷿.

قال الحسن البصري: كان مستجاب الدعوة عند الله (٦)، وقال غيره من السلف: لم يسأل الله


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ١/ ٣٨٠) وسنده صحيح.
(٢) صحيح البخاري، أحاديث الأنبياء، باب رقم ٢٨ (ح ٣٤٠٥)، وصحيح مسلم، الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام (ح ١٠٦٢).
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٠٢ ح ٣٧٥٩)، وضعف مسنده محققوه وقالوا: لبعضه شواهد. اهـ. ثم سردوا تلك الشواهد. ومن هذه الشواهد: الرواية التالية.
(٤) السنن، الأدب، باب في رفع الحديث (ح ٤٨٦٠) وضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود.
(٥) السنن، المناقب، باب فضل أزواج النبي (ح ٣٨٩٧).
(٦) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم. ومعناه صحيح.