للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سلمة، حدثنا أبو كريب، حدثنا معاوية بن هشام، عن عمار بن أنس، عن ابن أبي مُليكة، عن عائشة قالت: قال رسول الله لأصحابه: "أي الربا أربى عند الله؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم قال: "أربى الربا عند الله استحلال عرض امرئ مسلم" ثم قرأ ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٥٨)(١).

﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٥٩) لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (٦٠) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (٦١) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (٦٢)﴾.

يقول تعالى آمرًا رسوله تسليمًا أن يأمر النساء المؤمنات - خاصة أزواجه وبناته لشرفهنَّ - بأن يدنين عليهنَّ من جلابيبهنَّ ليتميزنَّ عن سمات نساء الجاهلية وسمات الإماء، والجلباب هو الرداء فوق الخمار، قاله ابن مسعود وعبيدة وقتادة والحسن البصري وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وعطاء الخراساني وغير واحد (٢)، وهو بمنزلة الإزار اليوم.

قال الجوهري: الجِلباب الملحفة، قالت امرأة من هذيل ترثي قتيلًا لها:

تمشي النسور إليه وهي لاهيةٌ … مشيَ العذارى عليهن الجلابيب (٣)

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويُبدينَ عينًا واحدة (٤).

وقال محمد بن سيرين: سألت عَبيدة السلماني عن قول الله ﷿: ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾ فغطى وجهه ورأسه وأبرز عينه اليسرى (٥).

وقال عكرمة: تغطي ثغرة نحرها بجلبابها تدنيه عليها (٦).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو عبد الله الطهراني فيما كتب إليَّ، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن ابن خيثم، عن صفية بنت شيبة، عن أُم سلمة قالت: لما نزلت هذه الآية ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾ خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهنَّ الغربان من السكينة وعليهنَّ أكسية سود يلبسنها (٧).


(١) سنده ضعيف لضعف عمار بن أنس، ومعاوية بن هشام صدوق له أوهام، وفي متنه غرابة في زيادة قراءة الآية بعد الحديث.
(٢) قول ابن مسعود هو الرداء عزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وقول عَبيدة سيأتي بعد الرواية التالية وقول قتادة هو: أخذ الله عليهن إذا خرجنَ أن يقنعن على الحواجب، أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعد بن أبي عروبة عنه.
(٣) الصحاح ١/ ١٠١.
(٤) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق محمد بن سيرين عن عَبيدة السلماني.
(٦) عزاه السيوطي إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٧) أخرجه أبو داود من طريق معمر به مختصرًا لبس النساء، باب في قوله تعالى: ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٩] (ح ٤١٠١) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٣٤٥٧).