للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو صالح، حدثنا الليث، حدثنا يونس بن يزيد قال: وسألناه يعني الزهري هل على الوليدة خمار متزوجة أو غير متزوجة؟ قال: عليها الخمار إن كانت متزوجة وتنهى عنِ الجِلباب لأنه يكره لهن أن يتشبهن بالحرائر المحصنات وقد قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾ (١).

وروي عن سفيان الثوري أنه قال: لا بأس بالنظر إلى زينة نساء أهل الذمة وإنما نهى عن ذلك لخوف الفتنة لا لحرمتهن واستدل بقوله تعالى: ﴿وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ﴾.

وقوله: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾ أي: إذا فعلنَّ ذلك عُرفنَّ أنهنَّ حرائر، لسن بإماء ولا عواهر.

قال السدي في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾ قال: كان ناس من فساق أهل المدينة يخرجون بالليل حين يختلط الظلام إلى طرق المدينة يتعرضون للنساء، وكانت مساكن أهل المدينة ضيقة فإذا كان الليل خرج النساء إلى الطرق يقضين حاجتهنَّ، فكان أولئك الفساق يبتغون ذلك منهنَّ، فإذا رأوا المرأة عليها جلباب قالوا: هذه حرة فكفُّوا عنها، وإذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب قالوا: هذه أمة فوثبوا عليها (٢).

وقال مجاهد: يتجلببن فيعلم أنهن حرائر فلا يتعرض لهن فاسق بأذى ولا ريبة (٣).

وقوله تعالى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ أي: لما سلف في أيام الجاهلية حيث لم يكن عندهن علم بذلك،

ثم قال تعالى متوعدًا للمنافقين وهم الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر: ﴿وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ قال عكرمة وغيره: هم الزناة (٤) ههنا.

﴿وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ﴾ يعني: الذين يقولون جاء الأعداء وجاءت الحروب، وهو كذب وافتراء لئن لم ينتهوا عن ذلك ويرجعوا إلى الحق ﴿لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ﴾.

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس أي: لنسلطنك عليهم (٥).

وقال قتادة: لنحرشنَّك بهم (٦).

وقال السدي: لنعلمنك بهم (٧).

﴿ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا﴾ أي: في المدينة ﴿إِلَّا قَلِيلًا (٦٠)

﴿مَلْعُونِينَ﴾ حال منهم في مدة إقامتهم في المدينة مدة قريبة مطرودين مُبعدين ﴿أَيْنَمَا ثُقِفُوا﴾ أي: وجدوا ﴿أُخِذُوا﴾ لذلتهم وقلتهم ﴿وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا﴾

ثم قال تعالى: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ﴾ أي: هذه سنته في


(١) سنده صحيح.
(٢) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم وسنده مرسل، والسدي فيه تشيع.
(٣) أخرجه آدم بن أبي إياس ومجاهد بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٤) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن مالك بن دينار عن عكرمة، وكذا أخرجه ابن أبي شيبة (المصنف ٨/ ٣٠٩).
(٥) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٦) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٧) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.