للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أخبرنا أحمد بن حفص بن عبد الله، حدثني أبي، حدثني إبراهيم بن طهمان، عن محمد بن عبد الرحمن، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "إن إبراهيم رأى أباه يوم القيامة عليه الغبرة والقترة، وقال له: قد نهيتك عن هذا فعصيتني، قال: لكني اليوم لا أعصيك واحدة، قال: يا رب وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون، فإن أخزيت أباه فقد أخزيت الأبعد. قال: يا إبراهيم إني حرمتها على الكافرين فأخذ منه. قال: يا إبراهيم أين أبوك؟ قال: أنت أخذته مني، قال: انظر أسفل منك، فنظر، فإذا [ذيخ] (١) يتمرغ في نتنه، فأخذ بقوائمه فألقي في النار" وهذا إسناد غريب، وفيه نكارة، والذيخ هو الذكر من الضباع، كأنه حول آزر إلى صورة ذيخ متلطخ بعذرته فيلقى في النار كذلك (٢)، وقد رواه البزار بإسناده من حديث حماد بن سلمة، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي (٣) وفيه غرابة، ورواه أيضًا من حديث قتادة، عن جعفر بن عبد الغافر، عن أبي سعيد، عن النبي بنحوه (٤).

وقوله: ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨)﴾؛ أي: لا يقي المرء من عذاب الله ماله ولو افتدى بملء الأرض ذهبًا ﴿وَلَا بَنُونَ﴾؛ أي: ولو افتدى بمن على الأرض جميعًا، ولا ينفع يومئذٍ إلا الإيمان بالله وإخلاص الدين له، والتبري من الشرك وأهله، ولهذا قال: ﴿إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٩)﴾؛ أي: سالم من الدنس والشرك.

قال ابن سيرين: القلب السليم أن يعلم أن الله حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور (٥).

وقال ابن عباس: ﴿إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٩)﴾ حَييَ أن يشهد أن لا إله إلا الله (٦).

وقال مجاهد والحسن وغيرهما ﴿بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ يعني: من الشرك (٧).

وقال سعيد بن المسيب: القلب السليم هو القلب الصحيح، وهو قلب المؤمن، لأن قلب المنافق مريض، قال الله تعالى: ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ [البقرة: ١٠].

قال أبو عثمان النيسابوري: هو القلب السالم من البدعة، المطمئن إلى السنة.

﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (٩٠) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (٩١) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٩٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (٩٣) فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (٩٤) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (٩٥) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (٩٦) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٩٨) وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ (٩٩) فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (١٠٠) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (١٠١) فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٢) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٠٣) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٠٤)﴾.

﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ﴾ أي: قرُبت وأُدنيت من أهلها مزخرفة مزينة لناظريها، وهم المتقون الذين


(١) كذا في (ح) و (حم) والسنن الكبرى للنسائي، وفي الأصل صُحف إلى: "بذبح".
(٢) السنن الكبرى للنسائي، التفسير (ح ١١٣٧٥)، ويتقوى بسابقه.
(٣) يشهد له روايات البخاري السابقة.
(٤) يشهد له روايات البخاري السابقة.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق عوف الأعرابي عن محمد بن سيرين.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف فيه يحيى بن عمرو بن مالك: وهو ضعيف كما في التقريب.
(٧) قول مجاهد أخرجه ابن أبي حاتم بسندين يقوي أحدهما الآخر، وقول الحسن أخرجه ابن أبي حاتم بسند جيد من طريق جسر اليمامي عنه.