للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم إن هذه السورة والتي تليها - أعني البقرة وآل عمران - مدنيتان ليستا خطابًا للمشركين، فانتقض ما ذكروه بهذه الوجوه.

وقال آخرون: بل إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور التي ذكرت فيها بيانًا لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله؛ هذا مع أنه (مركب) (١) من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها. [وقد حكى هذا المذهب (فخر الدين) (٢) الرازي في "تفسيره" عن المبرد وجمع من المحققين] (٣).

[وَحكى القرطبي (٤) عن الفراء وقطرب نحو هذا، وقرره الزمخشري (٥) في "كشافه"، ونصره أتم نصر. وإليه ذهب الشيخ (الإمام) (٦) العلامة (شيخ الإسلام) (٧) أبو العباس (أحمد) (٨) (بن عبد الحليم) (٩) لابن تيمية، وشيخنا الحافظ (الجهبذ) (١٠) (الإمام) (١١) أبو الحجاج (المزي) (١٢)، وحكاه لي عن (أبي العباس) (١٣) ابن تيمية.

قال الزمخشري (٦): ولم ترد كلها مجموعةً في أول القرآن، وإنما كررت ليكون أبلغ في التحدي (والتبكيت) (١٤)، كما كررت قصص كثيرة، وكرر (التحدي) (١٥) (بالتصريح) (١٦) في أماكن؛ قال: وجاء (منها) (١٧) على حرف واحد؛ كقوله: ﴿ص﴾، ﴿ن﴾، ﴿ق﴾. وحرفين، مثل: ﴿حم (١)﴾. وثلاثة، مثل: ﴿الم (١)﴾. وأربعة، مثل: ﴿المر﴾ و ﴿المص (١)﴾] (١٨).

(١٩) [وخمسة، مثل: ﴿كهيعص (١)﴾ و ﴿حم (١)﴾ ﴿عسق (٢)﴾؛ لأن أساليب كلامهم على هذا من الكلمات؛ ما هو على حرف، وعلى حرفين، وعلى ثلاثة، وعلى أربعة، وعلى خمسة؛ لا أكثر من ذلك.

قلت] (١٩) ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف، فلا بدّ أن يذكر فيها الانتصار للقرآن، وبيان إعجازه وعظمته؛ وهذا معلوم بالاستقراء؛ وهو الواقع في تسع وعشرين سورةً، ولهذا يقول تعالى: ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ [البقرة: ١، ٢] ﴿الم (١) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ [آل عمران: ١ - ٣] ﴿المص (١) كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ﴾ [الأعراف: ١، ٢] ﴿الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾ [إبراهيم: ١] ﴿الم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)


(١) كذا في (ك) و (ن) و (ي) وفي (هـ): "ركب" وفي (ج) و (ل): "تركب" وسقط هذا اللفظ من (ز).
(٢) ساقط من (ن) و (هـ).
(٣) ساقط من (ز).
(٤) في "تفسيره" (١/ ١٥٥).
(٥) في "الكشاف" (١/ ١٢).
(٦) ساقط من (ى).
(٧) من (ك).
(٨) ساقط من (ك) و (ن).
(٩) من (ك) و (هـ).
(١٠) ساقط من (هـ) ووقع في (ن): "المجتهد".
(١١) من (ي).
(١٢) في (ك): "النرى"!
(١٣) من (هـ).
(١٤) في (ك): "التسكيت".
(١٥) في (ك): "البخاري"
(١٦) كذا في (ج) و (ل) و (هـ) وفي باقي "الأصول": "بالصريح".
(١٧) في (ج): "فيها".
(١٨) ساقط من (ز).
(١٩) ساقط من (ز).