للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مجموعها؛ حكاه ابن جرير (١).

قلت: مجموع الحروف المذكورة في أوائل السور بحذف المكرر منها أربعة عشر حرفًا وهي - ا ل م ص ر ك هـ ي م ط (س) (٢) ح ق ن - يجمعها قولك: "نص حكيم قاطع له سر"؛ وهي نصف الحروف عددًا، والمذكور منها أشرف من المتروك؛ وبيان ذلك من صناعة التصريف.

[قال الزمخشري (٣): وهذه الحروف الأربعة عشر مشتملة على (أنصاف) (٤) أجناس الحروف؛ يعني: من المهموسة والمجهورة، ومن الرخوة والشديدة، ومن المطبقة والمفتوحة، ومن المستعلية والمنخفضة،] (٥) [ومن حروف القلقلة. وقد سردها مفصلةً؛ ثم قال: فسبحان الذي دقت في كل شيء حكمته. وهذه الأجناس المعدودة (مكثورة) (٦) بالمذكورة منها؛ وقد "علمت أن معظم الشيء وجله ينزل منزلة كله] (٧).

ومن هاهنا (لخص) (٨) بعضهم في هذا المقام كلامًا؛ فقال: لا شكَّ أن هذه الحروف لم ينزلها عبثًا ولا سدًى؛ ومن قال من الجهلة: (إن) (٩) في القرآن ما هو تعبد لا معنى له بالكلية فقد أخطأ خطأً كبيرًا، فتعين أن لها معنًى في نفس الأمر؛ فإن صح لنا فيها عن المعصوم شيء قلنا به، وإلا وقفنا حيث وقفنا وقلنا: ﴿آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾ [آل عمران: ٧] ولم يجمع العلماء فيها على شيء معين؛ وإنما اختلفوا؛ فمن ظهر له بعض الأقوال بدليل فعليه اتباعه، وإلا فالوقف حتَّى يتبين. هذا مقام.

المقام الآخر في الحكمة التي اقتضت إيراد هذه الحروف في أوائل السور ما هي؟ مع قطع النظر عن معانيها في أنفسها.

فقال بعضهم: إنما ذكرت ليعرف بها أوائل السور. حكاه ابن جرير (١٠)؛ (وهذا ضعيف) (١١)؛ لأن الفصل حاصل بدونها فيما لم تذكر فيه وفيما ذكرت فيه البسملة تلاوةً وكتابةً.

وقال آخرون: بل ابتدئ بها لتفتح لاستماعها أسماع المشركين إذ تواصوا بالإعراض عن القرآن، حتَّى إذا استمعوا له تلا عليهم المؤلف منه.

حكاه ابن جرير (١٢) أيضًا؛ وهو ضعيف أيضًا؛ لأنَّهُ لو كان كذلك لكان ذلك في جميع السور لا يكون في بعضها، بل غالبها ليس كذلك؛ ولو كان كذلك أيضًا لا نبغى الابتداء بها في أوائل الكلام معهم سواء كان افتتاح سورة أو غير ذلك.


(١) في "تفسيره" (١/ ٢٠٩ - شاكر).
(٢) في (ح): (م) وهو سبق قلم.
(٣) انظر: "الكشاف" (١/ ١٧).
(٤) في (ن) و (ص): "أصناف".
(٥) ساقط من (ز) و (ض).
(٦) كذا في (ع) و (ن) و (هـ) و (ي) وهو الموافق لما في "الكشاف" (١/ ١٧) ووقع في (ج) و (ك) و (ل): "ثلاثون".
(٧) ساقط من (ز) و (ض).
(٨) كذا في (ع) و (ن) و (ص) و (ي) ووقع في "ز" و (ك): "لحظ" وفي (ج) و (ل): "يخص"!
(٩) وقع في (ج) و (ز) و (ك) و (ل): "إنه".
(١٠) في "تفسيره" (١/ ٢٢٠ - ٢٢٤).
(١١) في (ج): "وهذا حكاه ضعيف" وكأن صوابه: "وهذا الذي حكاه ضعيف".
(١٢) في "تفسيره" (١/ ٢١٠ - شا كر).